ليس تفصيلاً أن يتجرّأ وزيرٌ في حكومة تصرّف الأعمال، ويطلّ في برنامجٍ تلفزيوني يعرف مسبقاً بوجود جمهورٍ غاضبٍ فيه، وبعد أيّامٍ فقط من صدور قرار برفع تسعيرة الاتصالات، ليدافع عن قرار وافق عليه مجلس الوزراء مجتمعاً، ويبدي استعداداً لتلقّف السهام في صدره، بينما رئيس الحكومة صامت ومقصّر.
يستحقّ الوزير جوني قرم التهنئة على جرأته، كما على أخلاقه. هو لم ينفعل حين كان بعض جمهور “صار الوقت” ينفعل في وجهه. أجاب على الأسئلة كلّها، ولو أتى معظمها بصيغة الاتهام لا الاستفهام. أعطى المعترضين حقّاً، وقال إنّ قرار رفع الأسعار جائر ولا قدرة لكثيرين على تحمّله، ولكنّه تسلّم قطاعاً منهاراً فشل معظم من تولّاه في إدارته، وحوّلوا شركتي الخلوي الى بابٍ للاستفادة الماليّة ولتمويل الأحزاب و”دحش” الموظفين، وكان هدرٌ يصعب تحديد قيمته.
لكنّ جوني قرم اختار إنقاذ القطاع، ولو على حساب صورته. اتّخذ قراراً جريئاً، ولو كانت نتائجه ثقيلة على كاهل كثيرين، ولكن لا يمكن لهذا القطاع أن يستمرّ بينما يدفع اللبناني أدنى فاتورة اتصالات في العالم.
صحيح أنّه كان يمكن تفادي هذا القرار لو أدير القطاع بطريقة أفضل، ولو لم يحوّل السياسيّون الشركتين الى صندوقٍ أسود، وصولاً الى قرار استعادة الدولة للشركتين، وهو قرار فاشل من حكومة فاشلة. ولكنّ قرم ليس مسؤولا عمّا سبق كلّه، بل تحمّل النتائج.
يستحقّ جوني قرم الاحترام. كان باستطاعة الوزير الآدمي أن يقول “هذا قرار اتّخذه مجلس الوزراء مجتمعاً”، ولكنّه تحمّل المسؤوليّة ولم يتهرّب منها، وصولاً الى ظهوره في مواجهة مع الجمهور، برباطة جأش ورقيّ واستعداد للنقاش. وهذه صفات لا نراها في وزراء كثيرين.