الكهرباء تحت رحمة شركة خاصة: الفيول ليس المعضلة الوحيدة

تضع مؤسسة كهرباء لبنان نفسها خارج الخدمة منذ ما قبل وقوع لبنان في دوامة انهياره المستمر. فالكهرباء بوصفها عنصراً أساسياً لتحريك الاقتصاد والحياة اليومية للمواطنين، أُسقِطَت عمداً لصالح مشاريع خاصة. وتسارَعَ الإسقاط منذ العام 2010. وعند كل منعطف، تعزف مؤسسة كهرباء لبنان نغمة العجز المالي، وتحيل الإجراءات الإنقاذية إلى خزينة الدولة، من دون أن تعيد أي سلفة قُدِّمَت لها. حتى وصل الأمر إلى إطفاء معاملها، وإصدارها بياناً تُطالب فيه “المراجع المالية والنقدية المعنية في البلد”، بإيجاد حلّ لمستحقات جهة تعاقد معها المؤسسة وليس “المراجع”.

شركة “برايم ساوث”

لم تقبض شركة برايم ساوث كامل مستحقاتها لقاء تشغيل وصيانة معمليّ دير عمار والزهراني، ولذلك قرّرت “التوقّف عن القيام بأعمالها”، حسب بيانٍ لمؤسسة الكهرباء، التي أبلغت اللبنانيين يوم الأربعاء 6 تموز، بأن معمل دير عمار سيخرج عن الخدمة. ولتبرئة نفسها، أكّدت المؤسسة انها “قامت بإنجاز كامل الإجراءات الإدارية، وإحالة مدفوعاته (المشغّل) وفق قراري مجلس الوزراء ليتم تسديدها منذ حوالي الشهر، وإنما لغاية تاريخه لم يتم صرفها من قبل المراجع المالية والنقدية المعنية في البلد”.

وكنتيجة لتوقف المعمل عن انتاج الكهرباء، أوضحت المؤسسة أن الانقطاع سيكون “عاماً وشاملاً على كافة الأراضي اللبنانية، ما سيؤدي بدوره إلى توقف التغذية جبراً عن كافة المرافق الحيوية الأساسية في البلد (مطار، مرفأ، مضخات مياه، صرف صحي، المرافق الأساسية في الدولة)”.

قد يمرّ الخبر عادياً فيما لو كان التعاقد مع الشركة ومسار عملها وعلاقتها بالمؤسسة وبوزارة الطاقة “طبيعياً”. لكن الشركة جزءٌ من سلسلة الصفقات التي نجحت وزارة الطاقة بتمريرها. فصاحب الشركة رالف فيصل، هو وكيل شركة كارادينيز التركية، صاحبة بواخر الطاقة، وهو متّهم بتقاضي رشى مالية لقاء ترتيب الصفقة. وقد أوقف وأفرج عنه في نيسان 2021، لقاء كفالة مالية بقيمة 500 ألف دولار.

وفوز الشركة في تلزيم التشغيل والصيانة في المعملين، مرتبط بالتنفيعات السياسية. لكن تراكم المبالغ المالية المستحقة لها على مؤسسة كهرباء لبنان، جعل من برايم ساوث “صاحبة حق”. وبدل التحقيق في التلزيمات وخباياها وتحميل المسؤوليات للمعنيين في مؤسسة الكهرباء ووزارة الطاقة، جهدت المؤسسة والوزارة ومجلس الوزراء في شباط 2021، لتمديد عقد الشركة، كي لا تطالب فوراً بمستحقاتها المتراكمة. فمدد العقد بعد الاتفاق على آلية للدفع.

ابتزاز متواصل

بعد نحو عام ونصف عام على تهدئة الوضع، انفجرت الأزمة من جديد. ولأن الشركة تدرك عجز المؤسسة وصعوبة تأمين المبالغ عبر سلفات خزينة، رفعت الشركة سقف التحدّي وصولاً إلى ابتزاز المؤسسة والدولة، عبر التوقف عن تشغيل معمل الزهراني، لتسريع الحصول على أموالها بالدولار النقدي (الفريش).

ولا بد من الإشارة إلى أن تحويل مؤسسة الكهرباء مستحقات الشركة، هو تحويل بالليرة. وتفترض المؤسسة حكماً أن على مصرف لبنان ووزارة المالية تحويل الليرات إلى دولارات بسعر الصرف الرسمي، أي 1500 ليرة. وبذلك، تكون المؤسسة قد أنجزت مهمّتها إسمياً، ولا يعنيها اختلال معادلة التحويل هذه، التي كانت تصحّ قبل الانهيار. وبعد أقل من 24 ساعة على ابتزاز الشركة للدولة والمصرف المركزي، تجاوَبَ الأخير معلناً نيّته تحويل الأموال، لتبادر الشركة المشغّلة إلى استئناف العمل في الزهراني.

ودفع المستحقات المحوَّلة من مؤسسة الكهرباء، سيتبعه محطّات متواصلة من طلب مستحقات مستقبلية، وسيتكرّر بذلك تحويل أموالٍ بالسعر الرسمي والوقوع في معضلة عدم توفّر الدولارات. علماً أن “على مؤسسة الكهرباء وحدها مسؤولية تأمين الدولارات كونها تتمتّع باستقلال مالي وهي الطرف المتعاقد مع برايم ساوث”، وفق ما تقوله مصادر في المؤسسة، والتي تشير في حديث لـ”المدن”، إلى أن “المؤسسة لا تملك الدولارات الكافية لتسديد المستحقات وفق سعر منصة صيرفة، لذلك ترمي المسؤولية على مجلس الوزراء أو وزارة الطاقة والمصرف المركزي، فتقول “أنقذوني” وإلا يغرق البلد في العتمة”. ومع أن كل المناطق تشهد عتمة شبه شاملة، إلاّ أن وصول الابتزاز إلى تعطيل المرافق العامة، وخصوصاً المطار، يشكّل مرحلة جديدة من التهديد.

“لا حلّ قريباً”، تقول المصادر. وتستند إلى “غياب الحلول المستدامة”. فاستجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر، لا تظهر ملامحه. حتى أن تجديد عقد توريد زيت الوقود من العراق، يشوبه القلق مع بروز نية الجانب العراقي وضع “ضوابط” في حال التجديد. ما يعني أن لبنان علق تحت رحمة سلفات الخزينة لتأمين الفيول للمعامل، وتحت رحمة شركة برايم ساوث، حتى وإن تأمّن الفيول، سواء بسلفة أو من العراق. فبأي لحظة قد تطالب الشركة بمستحقات، وتطفىء المعامل.

المصدر: المدن


عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

أسعار المحروقات اليوم ↑↓

أسعار المحروقات في لبنان اليوم أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للمحروقات لحظة بلحظة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *