خسر نجيب ميقاتي في الانتخابات النيابيّة الأخيرة. كان يتحدّث، في مجالسه الخاصّة، عن أربعة حواصل ممكن أن تصل اليها اللائحة التي يدعمها في طرابلس. جاءت النتيجة مخيّبة تماماً. سقط نجيب. السبب، باختصار، أنّه لم يدفع المال.
ليس نجيب ميقاتي مسؤولاً عمّا بلغه البلد من انهيار. هو واحدٌ من مجموعة سياسيّين استفادوا من وجودهم في السلطة أو من قربهم ممّن كانوا في السلطة. وهو ليس في الـ Top 5، بل هناك من هو أكثر استفادةً وفساداً. ولكنّ مشكلة ميقاتي أنّه سعى جاهداً لأن يكون رئيس حكومة في أصعب الظروف، وهو صاحب ثروة كبيرة حقّق بعضاً منها بأساليب تطرح حولها علامات استفهامٍ كثيرة، ومع ذلك لم يقم بمبادرةٍ ما ولم يمدّ يده على جيبه، أقلّه لحلّ أزمة واحدة من الأزمات الكثيرة التي يشهدها البلد.
بين ميقاتي وجَيبه، يقول العارفون، عداوة مزمنة. الداخل اليه مفقود، والخارج منه… مهلاً، لا شيء يخرج منه.
هو يريد المناصب بأقلّ كلفة. يقدّم التنازلات حين يلزم، ولكن لا يدفع دولاراً واحداً، ولو لزم الأمر كما في الانتخابات الأخيرة. لا يدفع ولو خسر. لا يدفع ولو شُتم. ولا يدفع اليوم من أجل مشروعٍ أو مبادرة أو فكرة، في وقتٍ نسمع دوماً عن مساهماتٍ ماديّة لمن هم أقلّ ثروةً منه، في الداخل أو في الاغتراب.
“الله عطا” نجيب ميقاتي. والعبارة، بين المزدوجَين، تقولها العامّة عن أصحاب الثروات، وهي لا تصلح في حالة رئيس الحكومة المكلّف. لا علاقة لله هنا. ولا علاقة له أيضاً في غالبيّة الثروات. ولكن، ما نطلبه من الله فعلاً أن يريحنا من هذه الطبقة السياسيّة، وهي تضمّ، مع ميقاتي، كثيرين إمّا من الفاسدين أو من العاجزين.
وحتى ذلك الحين، نطلب من الله أن يفكّ عقدة رئيس الحكومة المصرِّف والمكلَّف، فيمدّ يده على جيبه ويترك بصمةً ما نحفظها له في المستقبل، تماماً كما نحفظ له قصّة مبلغ الـ ٥٠٠ دولار أميركي الذي سحبه يوماً ما من جيبنا الى جَيبه. فليردّه اليوم، على الأقلّ.
داني حداد – mtv