أشهر قليلة باتت تفصلنا عن استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في نهاية تشرين الأول المقبل، إلا أن أصواتاً كثيرة بدأت تطالب بانتخابات مبكرة للرئيس تفادياً للوصول الى الفراغ الرئاسي، وكان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في طليعة هؤلاء بالاضافة الى القوات اللبنانية.
هذه المطالب لا تأتي من فراغ دستوري لا بل ان الدستور ينص صراحة على هذه الإمكانية وينوط برئيس مجلس النواب هذه الصلاحية.
المحامي الدكتور بول مرقص، رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية، أشار في حديث لموقع mtv الى أنه “قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر، يلتئم مجلس النواب بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد. واذا لم يُدع المجلس النيابي لهذا الغرض فانه يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس”.
وبالتالي فإن الرئيس بري بإمكانه أن يدعو لجلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية بدءا من أول شهر أيلول المقبل وألا ينتظر حتى اليوم العاشر الذي يسبق انتهاء العهد.
وتفصيلاً لظروف الانتخابات الرئاسية، قال مرقص: “من جهة ثانية، نصّ الدستور على الانتخاب الحكمي لرئيس الجمهورية في حال خلوّ سدة الرئاسة، بحيث يجتمع مجلس النواب بحكم القانون.
ومن جهة ثالثة، فان المجلس النيابي المنعقد لانتخاب رئيس الجمهورية يُعتبَر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية، وعليه ان يشرع حالاً في انتخاب رئيس البلاد من دون مناقشة أي عمل آخر”.
وتابع مرقص “هذا مؤدّى ومفاد المواد ٧٣ و٧٤ و٧٥ من الدستور اللبناني التي تجعل أن انتخاب رئيس الجمهورية أمر حتمي قبل انتهاء الولاية وأمر حكمي عند انتهاء الولاية تجنباً لأي شغور وفراغ”، مستطرداً “هذه المواد الثلاث معطوفة على المادة ٤٩ من الدستور مما يعني ان هنالك على الأقل ٤ مواد في الدستور اللبناني تتحدث بالتفصيل على انتخاب الرئيس”.
ورأى انه “في ما سوى ذلك فاذا حدث اي خلوّ في سدة الرئاسة بسبب عدم الانتخاب فان ذلك ما لم يكن هناك قوة قاهرة تبرّر ذلك، فانه يُعتبَر بمثابة تفريغ مقصود لسدة رئاسة الجمهورية وتدنٍّ فاضح وفادح في الأخلاقيات السياسية وفي الممارسة الدستورية ولا يشكل ذلك أبداً عيباً او نقصاً في الدستور اللبناني الذي جاء كاملاً لهذه الجهة، ولا يمكن له أن يفصّل اكثر الاحكام التي تدعو النواب الزامياً لاداء واجبهم الدستوري في الانتخاب. وأشبّه ذلك بأن العقد بين طرفين لا يمكن له أن يجعل من الطرف سيء النية أو المهمل راغباً في أداء واجباته التعاقدية، كذلك الدستور لا يمكن له أن يكون أكثر تفصيلاً او أكثر الزاماً على النواب مما هو عليه، مما يعني أن العيب في عدم انتخاب الرئيس ان حصل فهو في النفوس وليس في النصوص”.
وبعد المطالعة الدستورية، تعود الكرة الى الملعب السياسي وأي ظروف ستواكب الاستحقاق الرئاسي. وبما أن أيام عون الأخيرة في يد رئيس المجلس، هل يفعلها بري؟
ch23