بعد انهيار الليرة اللبنانية إلى أدنى مستوياتها، عاد الحديث عن طرح ورقة المليون ليرة في التداول الى الصدارة، بعدما أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في مقابلته الأخيرة انه سيرسل اقتراحاً بهذا الأمر بعد تأليف الحكومة الجديدة.
إيزاء ذلك، ما هي تداعيات هذا الأمر ان حصل؟ وهل يعني أن الليرة لن تستعيد عافيتها؟ وهل ثمَّة علاقة بين إصدار الفئة الجديدة وارتفاع سعر صرف الدولار؟
في حديث خاص لموقع Leb Economy، رأى الباحث في الشؤون المالية والاقتصادية البروفسور مارون خاطر أنَّ الكلام عن إصدار ورقة نقديَّة من فِئَة المليون ليرة يعود لشهر آذار من العام ٢٠٢١ ، وقال : “حينها، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي تصميماً لهذه الورقة تبيَّنَ بعد التدقيق في تفاصيله أنه انتقاد ساخر للسياسات الماليَّة والنقديَّة لمصرف لبنان الذي سارع إلى نفي هذه “المزاعم” بشكل قاطع. ثمَّ، بعد خمسة عشر شهراً، تحوَّلت المَزاعم إلى مشاريع وتكرَّست السخرية واقعاً مَريراً”.
وأضاف خاطر: “في مقابلته الأخيرة، أعلن حاكم مصرف لبنان بهدوء مُريب توجُّهَهُ لِطَلَب إصدار عملة نقديَّة من فئة المليون ليرة في خطوة ذات دلالات متعدّدة على الصَّعيدَين الاقتصادي والنَّقدي”.
من الناحية العمليَّة، لا ينفي خاطر أن يسهِّل الإصدار الموعود التعاملات النقديَّة ويقلل من المخاطر المتعلقة بحيازة كميَّة كبيرة من الأوراق النقديَّة إلا أنَّه حذَّرَ من كونه تدبيرًا يُنذر بالأسوأ. فبحسب خاطر “تَعكِس هذه الخطوة حَجم الإنهيار الإقتصادي المُستَمِرّ في ظل غياب المعالجات الجِدية من جهة، وخسارة العملة اللبنانية لأكثر من ٩٠ بالمئة من قيمتها كنتيجة لهذا الإنهيار من جهة أخرى”.
في مُطلق الأحوال، رأى خاطر أنَّ “هذا الإعلان ليس إلا تَكريساً لواقع الليرة التي تكاد القيمة السوقيَّة لبعض فئاتها لا تساوي حتَّى كِلفة اصدارِها”، متخوفاً من أن “الأخطر هو أن يكون هذا الإعلان مؤشراً لاستمرار الاقتصاد النقدي”.
واشار الى أن “استدامة الاقتصاد النَّقدي تُشكل عائقاً حقيقياً أمام نهوض القطاع المصرفي بعد إعادة هيكلته، كما أنه يُعَقِّد عمليات مراقبة التدفُّقات وهي عمليّة بالغة الأهمية اقتصادياً ومالياُ وأمنياً وعلى مستوى الحوكَمَة”.
في الخلاصة، يستنتج خاطر “انه أصبح من المؤكد أن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء وأنَّ النَّعيم المُصطَنَع والباهظ الكِلفة الذي عشناه لسنوات طويلة وموَّلناهُ من ودائعنا لن يَعود كما أن الودائع لن تَعود”.
في سياق متًَصل، لا يجد خاطر أن هناك علاقة مباشرة بين إصدار فئة المليون ليرة وسعر صرف الدولار “الذي لا بدَّ أن يَستمرَّ في منحاه التصاعدي إن استَمَرَّ غياب المعالجات البنيويَّة الجذريَّة”، مؤكداً إنه “لا يُمكِن للمنصَّة والتعاميم والمواسم السياحيَّة أن تُشَكِّل حلولاً في غياب الحلول”.
أخيرًا، أمَلَ خاطر “ألا يكون الإصدار الموعود خطوة أولى تُمَهّد لإصدارات متلاحقة”، مشدداً على “ضرورة أن يَذهَبَ لبنان بإتجاه إيجاد حلول حقيقية لأزمته وهي حلول لا بُدَّ أن تنطلق من السياسة لتصل إلى الاقتصاد والمال والنَّقد”.
وختم البروفسور خاط حديثه بالقول: “عسى أن يأتي يوم نحذف فيه الأصفار بدلاً من زيادتها والله قدير”.
المصدر: Lebeconomy