بانتظار أن تنتهي المرحلة التي ستشهد الاستشارات النيابية غير الملزمة يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، تتجه الانظار الى مرحلة التأليف، حيث من المقرر أن يبدأ مشوار اطلاق مشاريع التشكيلات الحكومية، وثمة أكثر من سيناريو معد سلفا.
وقالت مصادر سياسية وديبلوماسية لـ “المركزية” انها كانت على علم بأكثر من صيغة حكومية سبق الاتفاق بشأنها الاستشارات الملزمة، ومنها جرى البحث بها قبل الانتخابات النيابية لا سيما السيناريو الذي قادت اليه استشارات بعبدا بطريقة أزعجت من ازعجته واراحت من اراحته من دون الإشارة الى لائحة الرابحين والخاسرين، فهي واضحة وضوح الشمس بعدما فرزتها النتائج التي أدت الى عودة ميقاتي الى السراي.
وتبين ان المواجهة المقبلة التي على الرئيس المكلف ان يخوضها، هي مع مجموعتين أساسيتين تلاقت لمرة واحدة على عدم تسميته، وقد لا تتكرر في مناسبة اخرى، لعلة واضحة ان لكل منهما هدفه المختلف تماما عن الآخر. وتشير المصادر هنا الى موقفي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، مستهجنة ردات الفعل التي وضعت مواقفهما في نطاقها المذهبي الطائفي من قبل البعض الذي لا يريد ان يعترف بأن الخلاف في هذه المرحلة سياسي وليس طائفيا ولا مذهبيا وان اي محاولة لتوصيفه على هذه الشاكلة سيكون مرفوضا من رئيس الحكومة ومن يدعمه.
وتضيف انها كانت تدرك سلفا، ان الموقفين صبا في النتيجة باتجاه تسمية ميقاتي على حساب من كان يشكل خطرا على مهمته الجديدة. وان القوات اللبنانية التي حجبت أصواتها عنه وفرت له الفارق الكبير في الاصوات مع منافسه ولا يظهر انه سيكون لها مطالب في استشاراته غير الملزمة المقبلة لجهة مشاركتها في الحكومة العتيدة. ولذلك عبرت المصادر عن قلقها من تطور موقف التيار الوطني الحر باتجاه اعاقة مهمة الرئيس المكلف، لأنه سيعود فور بدء استشاراته الى طاولة المفاوضات معه عند توزيع الحقائب وتسمية الوزراء وهو ينقل بذلك المواجهة الى نوع آخر.
على هذه الخلفيات، لا يمكن تجاهل القوى التي زرعت مجموعة من الالغام التي اعاقت تقدم منظمي مشاريع الإتيان بمن يكلف لتشكيل الحكومة الى السراي من غير ساكنه منذ ايلول العام الماضي, فهو المؤهل لضمان استمرارية العمل في الكثير من الملفات الكبرى ولا سيما تلك التي تتصل بملفات الطاقة والاصلاحات المصرفية والمالية من خلال السعي لتطبيق ما قال به الاتفاق على مستوى الموظفين مع صندوق النقد الدولي وتلك التي يمكن ان تفتح الطريق للدول والمؤسسات المانحة لاستئناف مساعداتها الى لبنان لمواجهة الأزمات المعيشية والطبية والتربوية التي توسعت الى ان شملت مختلف اوجهها الاخرى.
لذلك، يبدو الاتفاق المنتظر حول شكل الحكومة الجديدة، اقترب من ان يكون حاضرا على طاولات مختلف الأطراف الذين نجحوا بابقاء الرئيس ميقاتي في السراي، سواء بالتنسيق المباشر والمعلن عنه او غير المباشر مع جهات لا تتلاقى بين بعضها سوى على محاصرة العهد في الفترة الفاصلة عن نهايته والتي اقترب اجلها ربطا بنهاية الولاية الرئاسية في 31 تشرين الأول المقبل.
وبناء على ما تقدم، يعتقد المراقبون لسير الاتصالات والمفاوضات الجارية في الفترة الفاصلة عن استشارات الاسبوع المقبل، ان الطريق مفتوحة نصف فتحة أمام تشكيلة يعدها رئيس الحكومة بصيغة غامضة لا يرغب الاشارة الى تركيبتها من اليوم وسط اعتقاد عميق بأنها ستؤدي الى تعويم حكومة تصريف الأعمال الحالية. فمعظم وزرائها باقون في مواقعهم وان مجموعة منهم ستغادر حقائبها بقرارات مختلفة. وان من بينها من اتخذه ميقاتي نفسه ومنها من جهات حزبية اخرى ستجري تبديلا باسماء من يمثلونها لتبقى المشكلة العويصة المنتظرة ان طلب التيار الوطني الحر “القوطبة” على حصة اطراف اخرى بطريقة تحيي رغبته بالثلث المعطل” ليس لسبب وجيه سوى الخوف من فشل المنظومة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية من دون احتساب انه وان انتقلت السلطة كاملة لحكومة لن يكون هناك اي قيمة لمعيار “الثلث المعطل” وان التجارب السابقة التي عانى منها الرئيس تمام سلام لم تنس بعد .
في المقابل، تعترف مراجع معنية بأن استحقاق انتخاب الرئيس بات رهنا بتشكيل الحكومة الجديدة. وطالما ان اهل الحكم نجحوا حتى اليوم بعبور الاستحقاقات السابقة وخصوصا النيابية منها، فلماذا التشكيك المسبق بتعثرها عند بلوغ استحقاق انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية؟ ولذلك فهي توقعت البت بالخطوة المقبلة بالصيغة الايجابية فور تشكيل الحكومة الجديدة لانها عندها تكون اللعبة الدولية قد بلغت نهايتها الحتمية وبناء على صورة وشكل الحكومة المقبلة سيولد “الرسم التشبيهي” لرئيس الجمهورية العتيد.