ماذا سيحصل الخميس؟
عادت خراطيم البنزين إلى “جلد” اللبنانيين وحرق أعصابهم، فأمضوا عطلة نهاية الأسبوع في طوابير أزمة مفتعلة نكرها وتنكّر لوجودها كل المعنيين،
من وزارة الطاقة إلى المحطات والشركات المستوردة،
لكنها شكّلت في جوهرها “بروفا” تمهيدية لمسرحية دولرة تسعيرة الوقود في المرحلة المقبلة، ليرتقي لبنان مجدداً على سلّم ترتيب الدول الأغلى من حيث أسعار البنزين بعدما حلّ راهناً في المرتبة 14 عربياً بواقع 1,252 دولار لليتر الواحد،
وهي من التسعيرات الأعلى في قائمة دول المنطقة التي حلّت فيها سوريا بالمرتبة الثانية بسعر 0,286 سنتاً لليتر البنزين.
ورغم تعاظم أهوال البلد وتدهور أحوال أبنائه، لا تزال السلطة على دارج عاداتها الهدّامة لاهثة خلف تحصيل أكبر قدر من المغانم
والحصص عند كل استحقاق لضمان استمرار سطوتها على مراكز القرار والحكم ولو مات الناس جوعاً…
ومن هذه الذهنية المقيتة ينطلق القابضون على إدارة شؤون الدولة في مقاربة الاستحقاق الحكومي متربّصين بأي فرصة “تغيير وإصلاح” حقيقية تلوح في أفق التكليف والتأليف،
ليحتدم الكباش خلال الساعات الأخيرة بين جبهتي السلطة والمعارضة حول “المعايير” الواجب اعتمادها وتوافرها في الترشيحات المرتقبة للاستشارات النيابية الملزمة،
وسط “سؤال مركزي” يرسم علامة استفهام فاصلة للمواقف بين الجبهتين: “أي حكومة نريد؟”،
وسترتّب الإجابة عليه في الساعات القليلة المقبلة حسم النوايا والاتجاهات النيابية في قصر بعبدا الخميس.
وعلى أرضية هذا الكباش، يقف “حزب الله” في طليعة الصفوف المطالبة باستمرار “المعايير” القديمة على قدمها في تركيبة الحكومة، تكليفاً وتأليفاً،
لناحية التمسك بتوليفة “الوحدة الوطنية” التي عاثت في البلاد فساداً وأوصلتها إلى الحضيض اقتصادياً ومالياً واجتماعياً ومعيشياً وصحياً وبيئياً،
فعبّر أمس عن نيته الصريحة في إجهاض أي محاولة لتشكيل حكومة لا تراعي هذه المعايير
“وإذا كانت قوى سياسية ترفع من سقف خطابها فهي تبني مواقفها على الأوهام ولم تتعلم من تجارب الماضي” حسبما نصح النائب علي فياض،
مؤكداً أنّ “حزب الله” لن يعلن موقفه من هذا الاستحقاق قبل يوم الخميس،
وأنه راهناً يخوض في سلسلة “اتصالات ومشاورات مع الحلفاء والكتل النيابية لبلورة الموقف من تسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة في ظل التركيبة السياسية والطائفية والتوازنات الحساسة”.
ونقلت مصادر مطلعة على أجواء الاتصالات الجارية بين “حزب الله” وحلفائه أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لا يزال الأوفر حظاً في كفة ترشيحات “الثنائي الشيعي”
بمقابل استمرار رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل على معاندته لهذا الخيار وسط محاولات لدفعه إلى عدم تسمية مرشح منافس لميقاتي في استحقاق التكليف
“لعل وعسى تقتضي المصلحة تصويت نواب التيار لصالح منحه الثقة البرلمانية في التأليف”.
وفي المقابل، كشفت المعلومات المستقاة من أجواء القوى الحزبية والتغييرية المعارضة عن “مساع واتصالات حثيثة لبلورة تقاطعات نيابية في ما بينها حول سلة الأسماء المطروحة لمهمة تشكيل الحكومة العتيدة،
متوقعةً أن تشهد الساعات المقبلة تزخيماً للمشاورات انطلاقاً من الحاجة الوطنية الملحّة لتوحيد الرؤية المشتركة بين كتل ونواب المعارضة حيال “المعايير” المنشودة للمرحلة المقبلة،
سواءً في شخص الرئيس المكلف أو في شكل الحكومة المنوي تأليفها وطبيعة تركيبتها الوزارية.
وفي هذا السياق، برزت أمس مناشدة البطريرك الماروني بشارة الراعي
“جميع القوى السياسية المؤمنة بكيانِ لبنان الحر والسيّد والمستقل والقوي والصامد أن تحيد صراعاتها ومصالحها وتوفر الاستقرار السياسي ليس فقط من أجل تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية،
بل أيضاً لدرء أيِ خطر إقليميٍ عن لبنان”،
مشدداً على أنّ “اكتمال السلطة الشرعية شرط أساسي لإكمال المفاوضات مع المجتمعِ الدولي وصندوق النقد الدولي،
ولاستكمال المحادثات بشأن الحدود البحرية الجنوبية التي يتوقف عليها مصير الثروة النفطية والغازية”،مع الإشارة في ما يتصل بالمعايير الوطنية الواجب توافرها في الاستحقاق الحكومي إلى ضرورة أن تكون الحكومة المقبلة “محرّرة من الشروط الخارجة عن الدستور والميثاق والأعراف،
فلا يكون فيها حقائب وراثية ولا حقائب ملك طائفة ومذهب وأحزاب (…) حكومة شجاعة في التصدي لكل ما هو غير شرعي ومؤهلة للتعاطي مع المجتمعين العربي والدولي”.
في الغضون، عاد ملف الترسيم البحري ليطغى بقوة على المستجدات البحرية خلال نهاية الأسبوع لا سيما في ضوء ما بدا من تصميم إسرائيلي على رفع منسوب “التحدي” على الجبهة الحدودية من خلال تسريع خطوات الحفر لاستخراج النفط والغاز من حقل “كاريش” بمعزل عن مسار ومصير المفاوضات غير المباشرة مع لبنان.
ففي خطوة يُستشف منها رفضاً ضمنياً لطلب لبنان عبر الوسيط الأميركي وقف عمليات التنقيب والاستخراج الإسرائيلية في المنطقة الحدودية بانتظار انتهاء المفاوضات غير المباشرة والاتفاق على ترسيم الحدود والحقول،
كشفت المواقع المتخصصة بهذا الملف عن استقدام إسرائيل سفينة “Stena IceMax” إلى شمال حقل “كاريش” حيث تمركزت على بُعد نحو 3 كلم من الخط 29
للبدء بعملية تحويل الآبار المتواجدة في تلك النقطة إلى “آبار انتاج” تمهيداً لبدء السفينة اليونانية “إنرجان باور” في عملية استخراج الغاز وضخّه في الأنابيب الإٍسرائيلية.
المصدر : نداء الوطن