هل من سيناريو لتطيير موعد الاستشارات؟
على مسافة ستة أيام من موعد الاستشارات النيابية الملزمة التي دعا إليها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم الخميس المقبل،
من اجل تسمية من يكلف تشكيل الحكومة العتيدة،
تتسارع الاحداث من ساعة الى ساعة بعدما فتح الموعد الجديد بازار الاسماء، بما فيها تلك التي تستحق اللقب،
ان تم التوقف عندها او تلك التي يستهوي اصحابها دخول اسمائهم على هذه اللائحة لتغذية السيرة الذاتية الخاصة،
على انهم كانوا مرشحين يوما ما لتأليف حكومة.
على هذه الخلفيات، تتلاحق العروض الخاصة بالأسماء المحتملة لعملية التأليف،
بما فيها تلك التي لم يستشر أصحابها بعد،
او انها ادرجت يوما ما في السباق الى السراي في استحقاقات سابقة تختلف بكل تفاصيلها وظروفها عن تلك التي تمر بها البلاد اليوم.
فمعظم الأسماء المطروحة كانت مدرجة على لائحة المرشحين بفعل وجود اكثريات نيابية كان يمكن ان تسهل وصول البعض منها الى السراي في سباق كان قائما بين “الرفاق” والأصدقاء”.
من فريق واحد قبل ان توزع المواقع لاحقا بين السراي.
وبعض الوزارات السيادية منها او تلك الاساسية التي شكلت بديلا من كرسي السراي.
وتأسيسا على هذه السيناريوهات التي شهدت البلاد نماذج منها،
قالت مصادر سياسية ونيابية لـ “المركزية”
ان محاولات احياء البعض منها اليوم أمر غير وارد ومن غير المجدي في آن.
فإعادة التذكير ببعض الأسماء التي تم التداول بها في استحقاقات سابقة ليس أوانه اليوم ومعظم المعادلات التي كانت قائمة باتت مفقودة في شكلها و توقيتها ومضمونها.
والحديث عن مهمة حكومية تستدعي قماشة هذا المرشح او ذاك لا تنطبق على ما تواجهه الساحة السياسية العامة وخصوصا الحكومية منها.
فللحكومة العتيدة، برأي المصادر السياسية والنيابية عينها – مهمة قصيرة ومختصرة،
ان شكلت من ضمن المهل المعقولة التي لم يعرفها العهد بأعوامه الخمسة والأشهر السبعة التي عبرت حتى اليوم.
وان وجدت بكامل مواصفاتها الدستورية سيكون عليها بالاضافة الى البت بمجموعة من الخطوات المطلوبة لاستكمال تنفيذ الاتفاقيات التي ابرمت بالأحرف الأولى
وعلى مستوى الموظفين سواء مع البنك الدولي في ملف استجرار الغاز المصري
والكهرباء الاردنية عبر الشبكة السورية وصندوق النقد الدولي على مستوى خطة التعافي وقانون الكابيتال كونترول
وما هو مطلوب من اصلاحات ادارية ومالية وسياسية كما بالنسبة إلى الجديد الذي طرأ على مستوى ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل.
وان كانت هذه الملفات غيض من فيض ما هو مطروح حكوميا،
فان البحث بعملية تشكيل حكومة بطريقة طبيعية لا قيصرية،
دونه عقبات عدة أبرزها فقدان الاكثرية النيابية الثابتة التي يمكنها ان تقود المراحل الدستورية التي تسبق وترافق الاستشارات النيابية الملزمة وما يليها من مراحل التأليف،
وهو ما يعيق ولادتها الطبيعية،
في ظل احتساب مجموع العقد التي يمكن ان تهدد العلاقات حتى بين اركان المنظومة التي احتفظت بمواقع قوتها النيابية
وهي تسعى الى تطويع الموقع الحكومي للحفاظ على الترويكا المتحكمة بشؤون البلاد
والعباد منذ فترة طويلة وآخرها تلك التي رافقت تشكيل حكومة تصريف الأعمال منذ العاشر من أيلول الماضي.
ومدار الحديث عن هذا السيناريو الحديث المتنامي
عن تقدم رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي على كل من أدرج على لائحة الأسماء المرشحة لعملية التأليف عشية الاستشارات النيابية المقبلة ما لم يطرا جديد ليس في الحسبان.
وهو أمر يلقي بظلاله على العلاقات المترجرجة بين السراي و ميرنا الشالوحي
والتي يمكن ان تهدد الحد الادنى مما هو قائم من أشكال العلاقة بين السراي وقصر بعبدا.
وان أصر دعاة المضي في مشروع تسمية ميقاتي قبل ترتيب العلاقات بينه ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل او الاخذ بمطالبه الملحة فإنه لن يكون من السهل تجاوز تداعيات تسميته.
وان بقي ميقاتي مصرا على رفضه لكل أشكال التنسيق من خارج الاصول الدستورية
التي تحتم التفاهم في عملية التأليف مع رئيس الجمهورية من دون اي ثالث يقف في ما بينهما بشكل مباشر او غير مباشر تتعمق الأزمة وتتدحرج الى ما هو أسوأ.
وان صح ان الثنائي الشيعي قد اتخذ قراره بدعم ميقاتي لرئاسة الحكومة فان الامر سيظهر بشكل فاضح في الايام المقبلة الفاصلة عن موعد الاستشارات.
وان صح ان لدى الثنائي اكثرية “مستنسخة” عن تلك التي جاءت بالرئيس نبيه بري الى رئاسة المجلس في دورته السابعة التي غاب عنها طيف كتلة “لبنان القوي” ورئيسه،فان المواجهة ستكون مفتوحة على كل الاشكال بما فيها غير المالوفة. فما هو ظاهر حتى اليوم بان بعبدا لن تقبل بان يكون ميقاتي ثالث السيبة الرئاسية.
وعليه فان المخاوف ستحيط بموعد الاستشارات التي يمكن ألا تبقى في موعدها المعلن عنه.
وما يزيد في الطين بلة،
ان السيناريو المتوقع لتطيير الموعد بات جاهزا وهناك اكثر من محطة يمكن الافادة منها. وابرزها تلك المتصلة بشكل الاستشارات التي فاض فيها عدد النواب المستقلين بما قد يستدعي تأجيل الموقف ان انتظموا في تكتل نيابي جديد.
كما ان تحديد موعد استشارة كتلتي لبنان القوي والطاشناق الى نهاية حلقات الاستشارات قد يكون من ضمن خطة لمواجهة النتائج التي يمكن ان تفضي اليها استشارة الكتل السالفة لها ان حملت أمرا “مستهجنا” من قبل الداعين اليها.
وهي خطة تستدعي الحذر من وجود مخطط يمكن ان يبرر تطيير هذه الاستشارات ان اساءت الى المعايير الدستورية للتسمية الالزامية للرئيس المكلف.
فان رفضت كتلة لبنان القوي تسمية احد للمهمة او اختارت مرشحا آخر يقرب رقمه من رقم ميقاتي مثلا فقد تنشأ معضلة تفتح جدلا عقيما في كيفية احتساب اصوات النواب
وتشتتها في نهاية مسلسل الاستشارات من دون ان يتوفر لها الحل الضامن لتجاوز الاستحقاق إلى ما يليه من خطوات صعبة ومعقدة قد تستهلك الفترة الفاصلة عن نهاية العهد.