لو لم يعلن عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب مروان حمادة بالأمس، أنه سيتقدّم بسؤال الاثنين المقبل الى الحكومة، في ضوء دعوة المدعي العام للمحكمة الخاصة بلبنان نورمان فاريل من يحمون المتهمين الثلاثة باغتيال الرئيس رفيق الحريري، الى تسليمهم للمحكمة، لبدا لبنان كأنه غير معنيّ بقرار المحكمة الذي ختم القضيّة التي بدأت في 14 شباط 2005. ولم يقتصر الأمر على تجاهل “حزب الله” كلياً قرار المحكمة الذي أدان 3 من قيادييه، وهم سليم عياش وحسن مرعي وحسين عنيسي، بارتكاب الجريمة فحسب، بل بدت الدولة ممثلة بوزارة العدل وكأنها غير معنيّة بقرار المحكمة على الإطلاق.
هل بتنا، بعد 17 عاماً من الجريمة التي هزّت لبنان والعالم، كأننا نقرأ خطبة الوداع لهذه القضية؟
في لبنان، هذه هي النهاية المأسوية لهذه القضية، من دون التقليل من أهمية خطوة النائب حمادة الذي نجا بدوره من آلة القتل التي نجحت مع الحريري. ويتمتع حمادة بكل المواصفات التي تجعل من متابعته لجريمة 14 شباط 2005 مهمة للغاية. ولعل جوهر هذه المتابعة، يفترض بالحكومة ووزير العدل اتخاذ المقتضى القانوني والعدلي لتسليم المجرمين للعدالة.
لنسلم جدلاً، بأن سؤال حمادة وصل الى مبتغاه، وتحرّكت الحكومة وإن كانت في مرحلة تصريف الأعمال نحو العمل للقبض على المدانين بارتكاب الجريمة، فهل ستنجح في عملها؟
لا يختلف اثنان على أن سياسة الإفلات من العقاب، قد وفرت ولا تزال مظلة أمان لـ”حزب الله”. فقد سبق لأمينه العام حسن نصرالله أن أعلن في وقت بعد عام 2005 أن متهمي حزبه الذين أدانتهم المحكمة بالأمس “قديسون… ولن يسلمهم ولو بعد 300 سنة!”، فإن كان الوصول الى المدانين لاعتقالهم مستحيلاً كما جاهر نصرالله، أفليس ممكناً تبليغ مرجعيتهم الأمنية بمذكّرة جلبهم الى العدالة؟ وهذه المرجعية لها عنوان واضح في حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت؟
يعلّق مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات حسان القطب على القرار الأخير للمحكمة فعدّد جرائم الاغتيال والقتل الجماعي التي ارتكبت قبل توقيع اتفاق الطائف، وتجاهلها “حزب الله” بدءاً باغتيال المفتي حسن خالد، وصولاً الى حربَي الضاحية وإقليم التفاح. أما الجرائم التي ارتُكبت بعد توقيع اتفاق الطائف، وتجاهلها بل أغفلها “حزب الله”، فهي تبدأ بمحاولة اغتيال مروان حمادة مروراً بجريمة اغتيال رفيق الحريري، وكذلك اغتيال جبران تويني وسمير قصير ووليد عيدو ووسام الحسن ووسام عيد وبيار الجميّل ومحمد شطح وجورج حاوي، وصولاً الى جرائم السابع من أيار عام 2008، التي سمّاها نصرالله “اليوم المجيد”، دون أن نغفل نتائج انخراط “حزب الله” في الحروب الإقليمية، والسورية على الأخص، ضد الشعب السوري والتسبّب بمقتل آلاف الشباب اللبناني، وكذلك مقتل وإصابة مئات الآلاف من السوريين.
من يحاسب من؟ صدور حكم الإدانة بحق قتلة الرئيس الحريري من وراء البحار أمر يسير. لكن من سينفّذ الحكم هنا، إلّا إذا اعتبرنا أن القضيّة انتهت؟
المصدر: Lebeconomy