بالرغم من كثرة الاستحقاقات الدستورية في المرحلة المقبلة، الا ان الاستحقاق السياسي الاساسي الذي تدور حوله كل الاصطفافات السياسية والتحالفات النيابية والتسويات والبازارات هو الانتخابات الرئاسية، التي لن تحدد مصير البلد في السنوات المقبلة، بل ستكون نتيجة حتمية للتوازنات الاقليمية والمحلية.
قبل الانتخابات النيابية كانت الاوساط السياسية تجمع على ان حظوظ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية عالية جدا في السباق الرئاسي على اعتبار ان فوز قوى الثامن من اذار بالانتخابات كان محسوما وان الاكثرية المتجددة بالتحالف مع نواب المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي اللذين تربطهما علاقة جيدة مع فرنجية سيحسمان المعركة لصالحه.
كان الاهم يومها هو اتفاق بين فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يمنح فرنجية غطاء مسيحيا كبيرا يجعله متقدما على جميع خصومه، كل ذلك ترافق مع تقارب خليجي-سوري ومع مفاوضات نووية قاب قوسين من الحسم واتصالات واسعة بين الرياض وطهران.
لكن متغيرات كثيرة حصلت في الاسابيع القليلة الماضية خلطت الاوراق مجددا واعادت الضبابية الى المشهد الرئاسي من دون ان يصبح فرنجية مستبعدا، فالتقارب الايراني- السعودي لم يعد يسير بالسرعة ذاتها بعد تراجع احتمالات العودة للاتفاق النووي والامر نفسه ينطبق على علاقة الرياض مع دمشق التي كان من المتوقع ان تتسارع ايجابيا.
على الساحة الداخلية لم تعد التوازنات السياسية والنيابية، كما كانت عليه، فالاكثرية النيابية لم تعد محسومة بل مشتتة نسبيا وبات فرنجية بحاجة اكبر للتيار الوطني الحر لتأمين اكثرية مريحة، لكن في الحسابات السياسية لم يعد محسوما ان تكون هوية الرئيس المقبل قريبة من حزب الله وسوريا.
يرتبط الاستحقاق الرئاسي في لبنان بشكل كبير بالتسويات والتوافقات الاقليمية والدولية والتي قد لا تكون متوفرة في الاشهر المقبلة في حال لم تصل القوى المتصارعة في المنطقة والعالم الى تسويات سريعة تخفف التوتر الذي يكاد يصل الى الانفجار في اكثر من ساحة وبلد.
كما ان التوازنات الداخلية ليست قادرة عمليا على فرض هذا الرئيس او ذاك وعليه فإن احتمالية الفراغ باتت اكبر، كل ذلك يحصل على وقع التوترات بين لبنان واسرائيل واحتمال حصول مواجهة مسلحة في حال عدم وصول الوساطة الاميركية الى نتائج ايجابية يرضى بها لبنان وتحقق مطالبه وحقوقه في ثرواته المائية.
lebanon24