في حوار أجرته «نداء الوطن» مع النّائب د. نجاة عون صليبا، للاطّلاع منها على أبرز مواقفها من مشاريع القوانين الخاصّة بقضايا المرأة في المجلس النيابي، وعدت د. صليبا بالدفاع «بشراسة» عن حقوق المرأة في المجلس. وأكّدت ضرورة تطبيق المساواة التامة بين المرأة والرجل لمجتمع متوازن وسليم. كما أيّدت آليّة تضمن انخراط المرأة اللبنانيّة في الحياة البرلمانيّة. واستنكرت عدم إقرار قانون حماية القاصرات من التزويج المبكّر حتّى الآن. إنتقدت أسلوب التّصويت الإقصائي ضدّ نوّاب التغيير في انتخابات اللّجان النّيابيّة، وكذلك تصوير منح المرأة حقّ إعطاء الجنسيّة لأبنائها على أنّه تهديد ديموغرافي للمسيحيين، وشدّدت على ضرورة التنسيق والتّعاون الكامل مع زملائها في تكتّل قوى التّغيير، ومع أبرز الناشطين في قضايا المجتمع المدني، لإقرار القوانين الإصلاحيّة، لا سيّما تلك المتعلّقة بالدفاع عن قضايا المرأة. في ما يلي نصّ الحوار مع الدكتورة صليبا.
- كونك امرأة، كيف ترين دورك في مجال الدفاع عن حقوق المرأة في المجلس النيابي وإيصال صوتها؟
هذا واجب، ومسألة مهمة جداً، فالحياة وجدت لتساوي بين الرجل والمرأة، ولا يمكننا أن نترك القوانين التي وضعت عندما كنّا في «العصر الحجري» كما هي، حيث كان دور المرأة مهمّشاً كلّيّاً. اليوم أصبحنا في عصر للمرأة وجودها في المجتمع، وبرهنت وأثبتت أنّ بإمكانها أن تبرع في كلّ المجالات.
هل تؤيّدين قانون الكوتا النسائية؟
يجب أن يقرّ هذا القانون بأسرع وقت ممكن بنسبة 30% من المقاعد كحدّ أدنى للمرأة، فمع أنّ عدداً كبيراً من النساء ترشّح للمجلس النيابي في الانتخابات الأخيرة، لكنّنا فوجئنا كثيراً بأنّ التمثيل ما زال ضئيلاً جدّاً مقارنة بكل البلدان العربية المحيطة بنا. فتمثيل 6% هو عدد لا يمثل المجتمع اللبناني إطلاقاً. وهذا أمر مرفوض… لقد فوجئت أنّ أحزاباً عديدة، لم ترشّح نساءً في الكثير من المناطق والأقضية. حتّى بعض الأحزاب التي تسمّي نفسها «متحررة»، شكّلت لوائح من رجال فقط، بدون إشراك العنصر النسائي معهم، وهذا أمر مؤسف جداً وغير مشجّع. فالكلام شيء والفعل شيء آخر.
- الزواج المبكر ما زال موجوداً في مجتمعنا اللبناني، وهو ما يشكّل جريمة بحقّ المرأة في هذه السن الصغيرة. ما هو موقفك من قانون حماية القاصرات من التزويج المبكّر؟ هل تؤيّدينه، وهل ستتّخذين خطوات باتّجاه إقراره؟
بلا أدنى شكّ، أنا داعمة بشكل مطلق هذا القانون. سمعت ومنذ 20 سنة أنّ بعض رجال الدين هم أيضاً وراء عرقلة إقرار هذا القانون، وليس المعرقلون فقط عدداً من النواب. لا أتّهم طائفة معيّنة، لأنّ رجال دين عدّة، من طوائف عدّة، لا يساعدون في هذا الموضوع. هذه المسألة تحتاج الى الكثير من التوعية. أنا مع إقرار القانون في أسرع وقت ممكن، وإذا تطلّب إقرار هذا القانون القيام بحملات توعية عند الطوائف التي يمنع رجال دينها إقرار هذا القانون، فمن الضروري القيام بذلك مع مساعدة الجمعيات المعنية، حتى ندفع باتجاه هذا القانون في النهاية. يجب إقراره لمنع استمرار جريمة بحق فتيات صغيرات لا يؤخذ برأيهنّ في الزواج قبل أن يؤخذن إلى «المسلخ».
هل تنسّقون لمشاريع توعية في هذا الموضوع مع الجمعيات النسائية خاصة، وجمعيّات حقوق الإنسان عامة، وهل يوجد تنسيق مع النواب التغييريين في هذه المسائل؟
علينا أن نعمل مع أشخاص عملوا لسنوات على موضوع الزواج المبكّر، وقطعوا شوطاً في دراسته، فلا جدوى من إعادة دراسة هذا الموضوع من جديد، ويجب أن نحترم الوقت ونقدّر قيمته، فهو ثمين جداً وطاقة مهمة ومصدر عيش يجب الاستفادة منه، إذ يجب أن نتوقّف عند مسألة هدر الوقت ونأخذها في الاعتبار بطريقة مهمّة جدّاً. أنا أرى أنّه إذا كان هناك أشخاص مثل جويا جريديني التي كانت معنا على اللائحة، وعندها تاريخ مناضل في هذا الموضوع، أنا بالطبع سأذهب إليها للحصول على مساعدتها في مواضيع حقوق المرأة، حتى لا أقف في وجه نضالها، وأستخفّ به وأعتبر أنّني أنا الّتي بدأت الآن الإصلاح والتغيير. عليّ أن أعمل مع الجمعيات التي تمتلك نضالاً كبيراً في قضايا حقوق المرأة، مثل مركز CIBL التابع للجامعة الاميركية، الذي يعمل بطريقة علمية ومبنية على أرقام ومعايير وأبحاث، حتى يفعّل دور المرأة ويحميها من مخاطر عديدة في لبنان والعالم العربي. وأذكر الدكتورة لمى الموسوي في الإدارة، ومعها الدكتورة شارلوت كرم وكارمن جحا، ولينا الداعوق، وفدى كنعان، هنّ من أهمّ الاسماء الّتي عملت على هذا الموضوع. لدينا من نستند إليهم حتى نسير قدماً في المواضيع التي تخصّ المرأة. بالتأكيد سأستعين بزملائي في الجامعة الأميركية، وبزميلتي جويا جريديني، حتّى أتمكّن من خلالهم أن أكمل المسيرة.
هل ترين جواً عاماً في المجلس الجديد لتأييد طروحات الدفاع عن حقوق المرأة؟
لم نبدأ حتى الآن معالجة هذه المواضيع لأننا نكمل انتخاب اللجان النيابية، لكنّني فوجئت أنّ لجنة المرأة في المجلس النيابي انتخبت دون أن يكون فيها حضور قوي للمرأة (وجود امرأتين فقط في اللجنة التي تضم 11 عضواً). عندما قيّمنا المواضيع ونسّقنا عملنا (كنواب تغييريين)، إتّفقنا أن تكون سينتيا زرازير وحليمة قعقور في لجنة المرأة، وأنا يمكنني أن أساعد في لجنة البيئة ولجنة التربية، ورغبت كثيراً أن أكون في لجنة المعلوماتية التي قرّروا (بمعنى نواب المنظومة) أن لا يكون أحد منّا (أي النواب التغييريين) في هذه اللّجنة. واستنكرت أسلوب العمل هذا، ورأيت أنّهم يعملون بطريقة «لا تمثّلنا». فلنرَ ما يمكنهم أن ينجزوه، ونحن كنواب يحقّ لنا الجلوس مع أي لجنة، كما يحقّ لنا المشاركة في أي لجنة من اللجان الموجودة، وحتى مع عدم إمكانيّة التصويت، ولكن أقلّه نستطيع أن نرى أولوياتهم، ونؤثّر بطريقة فعّالة كي تمرّ القوانين بطريقة منتظرة. المشكلة أنّه إذا كان الرئيس لا يريد الدعوة إلى اجتماع، عندها يتوقّف العمل. بعض العوائق موجود ولكنّنا لن نسكت.
ما هو رأيك بمسألة منح المرأة اللبنانية الجنسيّة لأبنائها؟
جاءت في مرحلة الانتخابات فتاة وقالت لي إنّها توافقني على كلّ ما أطرحه، ولكن في مسألة تأييدي منح المرأة اللبنانية الجنسيّة لزوجها وأبنائها، هي لا تؤيّدني، إذ ترى أنّ هذا الأمر خطير، لأنّ ذلك سيؤثّر كثيراً على عدد المسيحيين في لبنان. أنا أرفض الأخذ بهذه الحجّة، وأقول للمتخوّفين كثيراً من هذه المسألة، فلينتزعوا من الرجل حقّ إعطاء الجنسيّة لعائلته، ليكون المنطلق هو المساواة بين الرجل والمرأة. فكلاهما يصبح غير قادر على منح الجنسية. لكنّ هذا الطّرح ليس هو الحل بالنسبة إليّ. أنا برأيي، إذا كانوا يرغبون بشدّة ألّا يتناقص عدد المسيحيين، فليؤمّنوا لهم عيشاً صالحاً يليق بهم وبقيمهم حتّى لا يهجّروهم. إنّها أفضل طريقة لإبقاء المسيحيين في لبنان. فالحلّ ليس بمنع المرأة إعطاء الجنسيّة لأبنائها الّذين، بحرمانهم هذا الحقّ، يعيشون في البلد كأنّهم مهجّرون. إذا كان المسيحيون خائفين على وجودهم، فليخلقوا فرص عمل للشباب، وأنا مسيحيّة، وأعرف أنّ تراب لبنان أعزّ من تراب العالم كلّه. فحتّى لو سافرت كي أتعلّم وأعمل في الخارج، سأعود إلى لبنان لأنّني أحبّ هذا الوطن. فمثلي مثل الكثير من الشباب المسيحيين، رغم سفرهم، يمكنهم العودة الى لبنان والتّجذّر في هذه الأرض، وبذلك نحافظ على الوجود المسيحي وليس بذاك العمل الاعتباطي الّذي يمنع المرأة من حقوقها.
كلمة تودّين توجيهها الى المجتمع اللبناني عامّة والمرأة خاصّة، وللمجلس النيابي كلمة أخرى بخصوص دوره في الدفاع عن حقوق المرأة.
من المجلس النيابي أطلب المساواة بين الرجل والمرأة في كلّ التّشريعات الّتي سننجزها. وأنا سأقف محامية بشراسة عن حقوق المرأة في البرلمان اللبناني. وسأكون قدوة لكلّ النساء في العالم وفي لبنان. وللصبايا أريد أن أقول: «لا تسمحوا لهم أن يوقفوا أحلامكنّ، يجب أن تحلمن على وسع السماء، حتّى أنّ حدود أحلامكنّ يجب أن تكون أبعد من السماء». وهنا أودّ أن أذكر ما قالته سارة إبنة يوسف الأميري وزيرة التكنولوجيا في دولة الإمارات: «كانوا في الماضي يقولون إنّ الحلم حدوده السماء، لكنني (أي سارة) تخطّيت حدود السماء عندما كنت من القيّمين على إرسال القمر الاصطناعي الاماراتي الى الفضاء». وهذا ما أريد قوله لصبايا لبنان: «مهما صعبت الحياة، ومهما عظّموا الأمور في أعينكنّ، فلتكن أحلامكنّ كبيرة، وستتمكّنّ من الوصول إلى أبعد مكان».
نجاة عون صليبا، نائبة في المجلس النيابي اللبناني عن دائرة الشوف. نالت درجة الدكتوراه من جامعة جنوب كاليفورنيا، وعملت باحثة في جامعة كاليفورنيا، إرفين. هي أستاذة في الكيمياء التحليليّة، ومديرة مركز حفظ الطبيعة في الجامعة الأميركيّة في بيروت. حصلت على جائزة برنامج L’Oréal-UNESCO للنساء في العلوم للعام 2019، واختارتها شبكة «بي بي سي» البريطانيّة في العام نفسه بين النّساء الأكثر إلهاماً وتأثيراً في العالم.
شادي عبد الساتر – نداء الوطن