بعد مغادرة الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين حاملاً جواب لبنان حيال الطرح الاسرائيلي عاد ملف تشكيل الحكومة الى واجهة الاهتمامات. خامس حكومة تشكل في عهد الرئيس ميشال عون. اثنتان شكلهما سعد الحريري، ثالثة حسان دياب، ورابعة الحالية برئاسة نجيب ميقاتي تخللها تكليفان لم يكتملا الأول للسفير مصطفى اديب والثاني للحريري. والاخيرة في هذا العهد والمرجحة ان تكون حكومة أبدية بصلاحيات جمهورية في حال تعقّد انتخاب رئيس جديد للجمهورية في تشرين الثاني المقبل.
يوم أمس أشيعت اخبار عن قرب تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة. التوقعات اشارت الى موعد مبدئي الاسبوع المقبل لكنه موعد غير ثابت ومن المتوقع ان تطلع دوائر بعبدا على مستجدات الموعد الاسبوع المقبل، ما يعني ان احتمال الاعلان عنه نهاية الاسبوع لم يكن جدياً. والسبب ان زيارة هوكشتاين احتلت صدارة الاهتمامات وحولت الانظار عن رئاسة الحكومة. واذا كان المطلوب استباق المشاورات العلنية الملزمة بمشاورات نيابية جانبية يجريها عون والاطراف السياسية الاساسية، فان مثل هذه المشاورات لم تنضج بعد. قالها رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بصريح العبارة: «ما في حدا عم يحكي مع حدا» و»مش مستعجل».
في موقفه حاول باسيل الرد على شروط رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لقبول تكليفه مجدداً تشكيل الحكومة. بين ميقاتي وباسيل مواجهة باردة. كل يكيل اتهامه للآخر في مجالسه الخاصة بالعرقلة ورفع سقف الشروط. يقول ميقاتي ان عون وباسيل يفرضان شروطاً يصعب على اي رئيس حكومة القبول بها وان باسيل يريد العودة شخصياً الى الحكومة، تحسباً لاستمرارها الى ما بعد نهاية العهد، بالمقابل يرفع ميقاتي سقف شروطه لقبول تكليف جديد وهو ما يستفز باسيل الذي لم يتردد في الاعلان ان ميقاتي لن يكون مرشحه الجديد لرئاسة الحكومة المقبلة، طارحاً مجموعة اسماء من داخل البرلمان ومن خارجها كان اللافت من بينها اسم النائب نبيل بدر، اما مخزومي فهو حكماً مرشح غير جدي بالنظر لمواقفه المعادية لـ»حزب الله»، اما عبد الرحمن البزري فهو قال انه ليس مرشحاً لرئاسة الحكومة. يمكن لهذا الموقف ان يفهم على سبيل المناورة ورفع السقف قبل البحث الجدي في تفاصيل الحكومة واستباق اي تكليف بالاتفاق على التأليف مسبقاً. إستبعاد لميقاتي لا يغلق الباب على الاخير لرئاسة الحكومة فقبل ذلك عارض التيار وصول ميقاتي لكنه عاد وسلم بوجوده كأمر واقع.
مجدداً حسم الموضوع الحكومي بيد باسيل كلاعب اساسي. أما بقية الاحزاب والقوى السياسية فهي تحاول تطويق اللعبة بالالتفاف عليه وهندسة المرحلة المقبلة وصولاً الى الرئاسة. وتحت هذا السقف يمكن فهم التعاون الاشتراكي القواتي الهادف الى تطويق الموضوع الحكومي ومحاولة قطع الطريق على رئاسة سليمان فرنجية مستقبلاً.
على الضفة الاخرى لا يمكن اعتبار عون وباسيل في وضعية مريحة، فاستمرار الحكومة بشكلها الحالي حتى انتخابات الرئيس غير ممكن، لان القوى المتحكمة فيها لا يمكن السيطرة عليها اي الرئيس نبيه بري وجنبلاط نفسه، وتشكيل اخرى دونه تعقيدات تكليف البديل عن ميقاتي في ظل وضع سني مأزوم وتراجع المرشحين.
ميقاتي الذي طلب ابلاغه بموعد الاستشارات قبل الاعلان عنه في الاعلام، غير مرتاح هو ايضاً. لا يرغب تكليفاً بأصوات زهيدة. العملية الحسابية التي اجراها اظهرت امكانية تكليفه بـ65 صوتاً. وهو معدل جيد اذا ناله ولكن من يؤكد الحصول عليه؟ ليس كل النواب معه وليس كلهم ضده ايضاً، واي اسم آخر بارز لم يظهر الى العلن بقوة بعد. خلال الايام الماضية تم التداول باسم صالح نصولي الموظف في البنك الدولي. جال على المسؤولين وشملت زياراته عون وبري وباسيل والتقى شخصيات عديدة خلال تواجده في بيروت من بينها نقيب الصحافة عوني الكعكي. الرجل تعهد في حال تكليفه بتقديم حلول للأزمة. اسماء اخرى يجري التداول بها من «بعيد لبعيد» دون ان تبلغ مرحلة الجدية.
مستجد آخر طرح على الساحة تحدثت عنه مصادر سياسية واسعة الاطلاع تمثل في تحفظ اميركي على اعادة تكليف ميقاتي مجدداً لكنه موقف غير رسمي. المتعارف عليه ان الاميركي لا يظهر اي موقف قبل ان يراقب المشهد بكامله ويستشف الاجواء ويستطلع آراء المعنيين.
موعد الاستشارات موضع تشكيك وكذلك تشكيل الحكومة، اما شخصية الرئيس المكلف فالبحث جار عن اسم جديد يشكل صدمة ايجابية، والى ان يتم العثور عليه فميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال، قد يغدو مكلفاً أما تشكيل الحكومة فله بحث آخر.
غادة حلاوي – نداء الوطن