مَنْ تابع الحديث التلفزيوني للنائب جبران باسيل ليل أمس لفهم بالتأكيد لماذا وصل عهد الرئيس ميشال عون الى ما وصل اليه، ولماذا شارف على نهايته بهذا الشكل الحزين، من غياب الانجاز، الى انهيار كامل للدولة، وصولا الى الخصومة، حد العدائية، مع غالبية اللبنانيين
.فالرجل مصر حتى اليوم الاخير من عهد الرئيس عون على تنصيب نفسه وصيّا على الرئاسة وملهِما اوحد لقراراتها، بعدما إنفضّ عنها كل “أهل البيت”.
يريد بأي ثمن ان يوقع بين رئيس الجمهورية وكل القيادات والمسؤولين، على طريقة “حرتقجي الضيعة” الذي لا عمل له سوى الثرثرة والنميمة وافتعال المشاكل، مع طغيان سمة لطالما تميز بها وهي “نقل الحكي” بشكل كاذب، كمثل زعمه ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قال لرئيس الجمهورية “ما رح يخلوك” وكان يقصد خصوم العهد، فيما حقيقة هذا الكلام قالها ميقاتي بصوته عبر التلفزيون “قلت لفخامة الرئيس ما بقا تقول ما خلّوني. جماعتك هني اللي ما خلوك”.
لباسيل وتكتله النيابي الحق في عدم تسمية اي شخصية لرئاسة الحكومة، ولكن بالتأكيد ليس له الحق في تنصيب نفسه وصيا على رئيس الحكومة والاملاء عليه بما يجب فعله وما لا يجب فعله. ولعل الاخطر في ما قاله تنصيب نفسه” قاضيا” يوزع الشهادات في الوطنية على رئيس الحكومة وسواه ، فيما الشبهات المختلفة والعقوبات المعلنية تحاصره من كل الاتجاهات.
يتحدث عن “رؤساء حكومات وسياسيين ضالعين في تركيب الطرابيش” حتى تخاله ناسكا خرج للتو من كهوف القديسين في البترون، ويطل على اللبنانيين “مبشرا” اياهم بالنزاهة والشفافية، متجاهلا سنوات كان فيها نائبا ووزيرا والاهم ” مُلهما” نجح في تحويل صورة “العهد القوي”التي اطل بها الرئيس ميشال عون، الى صورة” العهد الذي ينتهي بصفر انجاز”، وكل ذلك خدمة لاهدافه الخاصة وحساباته السياسية، ومع ذلك يحدثك عن “الطرابيش” وهو “سيد طرابيش التسويات والتفاهمات الجانبية” التي انتهت عند الخلاف على تقاسم الحصص والمغانم.
في ملف الكهرباء، وزع باسيل نفسه بين دوري “الثعلب والحمل”، متنصلا من مسؤوليته عما وصل اليه قطاع الكهرباء على مدى سنوات تولى فيها وزارة الطاقة مباشرة او بالمواربة والواسطة، الى ان حط القطاع عند وزير الطاقة الحالي الذي جاهر في لحظة صفاء بعد سحبه ملف الكهرباء عن مجلس الوزراء ، بالحقيقة الفاقعة “هني زعلانين لانو الرئيس ميقاتي قال عالتلفزيون اخدت معي شهرين لسحبت سلعاتا من الملف”.
بوجه مبتسم يخفي الخبث والحقد على اصحاب القامات ،حاول التنصل من مسؤوليته المباشرة عن فشل ادارته للكهرباء، مطلقا التهم والاضاليل، متناسيا ان من عايشوا “مرحلة بواخر توليد الطاقة”، وتابعوا خزعبلاته في الملف ، لا يزالون احياء، ويتردد صوته في آذانهم(وفي المحاضر المسجلة لجلسات الحكومة) وهو يستشرس على طاولة السراي الحكومي، دفاعا عن البواخر بحجة انها لفترة اشهر محدودة، لتمضي السنوات وتُستنزف الخزينة العامة قبل ان ترحل “بواخر جبران” واسرارها المجهولة المعروفة معها، ويدفع اللبنانيون حتى الان الاثمان الباهظة بسبب فشله في ادارة القطاع.
ولا يزال درج السراي الحكومي وصحافيون كثر شاهدين على حقيقة فاقعة واجهه بها احدهم وجها لوجه بعد جلسة الكهرباء الشهيرة “لو ذكاك للخير كان نهض البلد، بس كل ذكاك للشر وللفتنة”.
في الختام تبقى كلمة لرئيس الجمهورية، سيد العهد الذي يستعد ليطوي مراحله الاخيرة:
فخامة الرئيس، رحمة بلبنان، وحفاظا على ما تبقى من ومضات احترام لعهدك، اوقف” صهرك “عند حده، وليرعوي.
التزام الدستور ومندرجاته وروحيته مسؤولية أقسمت عليها فخامة الرئيس. فليتوقف هذا ” التهريج الباسيلي” الذي لا يحسب حسابا، لا لمقام ولا لدستور ولا لرئاسة.
ولاننا ضنينون بموقع رئاسة الجمهورية وبشخص فخامتك، فلتُحترم قواعد الدستور في تسمية رئيس الحكومة الجديد وفي تشكيل الحكومة. الف باء تشكيل الحكومات ينطلق من قصر بعبدا وليس في “ميرنا الشالوحي” وهي تبدأ باستشارات ملزمة وبالاحتكام الى نتائجها.
أما من اساء الى رئاسة الجمهورية “بالمونة العائلية والمصاهرة”، فمن غير المسموح له الاساءة الى مقام رئيس مجلس الوزراء .رحم الله امرَأً عرف حده فوقف عنده. اوقف هذا التهريج حتى لا تضيف الى سجل عهدك فتنة طائفية يحاول صهرك إشعالها من جديد.
وفي الختام، كلمة مختصرة الى باسيل :مهما فعلت وقلت ، وعثت فسادا في الوطن، فلن تستطيع اكثر من الحرتقة المكشوفة لانك فاقد الصدقية. وطالما انك تستحضر تعاليم الدين المسيحي، كلما وجدت نفسك بحاجة الى رافعة، اليك ما ورد في “سفر الحكمة” في الكتاب المقدس
“إن الحكمة لا تلج النفس الساعية بالمكر، ولا تحل في الجسد المسترق للخطية، لأن روح التأديب القدوس يهرب من الغش، ويتحول عن الأفكار السفيهة، وينهزم إذا حضر الإثم.”
تذكر ايها “الحرتقجي” هذا الكلام واتعظ.
لبنان 24