في تغريدته بعد جلسة انتخاب رئيس ونائب رئيس للمجلس النيابي دعا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى “صياغة برنامج مشترك يتجاوز التناقضات الثانوية من اجل مواجهة جبهة ٨ آذار السورية الايرانية التي ستنتقم لهزيمتها في الانتخابات بكل الوسائل ولن ترحم احد”.
تغريدة جنبلاط جاءت عقب هزيمة الاغلبية الجديدة في إنتخاب نائب رئيس نتيجة سوء التنسيق وفق ما رأى زعيم المختارة الذي عاد وصوَّب على قوى التغيير من بوابة ترسيم الحدود حيث قال إنه “وبسحر ساحر أصبحت غالبية قوى التغيير والسيادة على يسار اطراف الممانعة”.
في التغريدتين كانت بوصلة جنبلاط متجهة نحو قوى التغيير التي تمكنت من الحصول على 13 مقعدا نيابيا، وهي كتلة قادرة على قلب التوازنات في الامور التي يشهد فيها المجلس النيابي اختلافا في الآراء حول المسائل الاساسية في البلاد.
جنبلاط الذي لعب دور “بيضة القبان” طوال السنوات الماضية حين كان يدوزن مواقفه في المجلس ويُعطي أصواته على القطعة، بات اليوم بحاجة الى اعادة ترتيب البيت المجلسي مع نواب التغيير والمستقلين، فالاكثرية بالنسبة اليه لا تزال في قبضة محور الممانعة الذي فاز بجولة انتخاب نائب الرئيس واللجان النيابية “حصة جنبلاط كانت محفوظة داخل اللجان”، ولكن ثمة قضايا كبيرة سيناقشها المجلس في المرحلة المقبلة وهي تتطلب أكثرية حاسمة بوجه سياسة حزب الله لاسيما في الملفات المالية والاقتصادية والاستحقاقات الدستورية المرتبطة بالدرجة الاولى برئاسة الجمهورية.
مع تشتت تيار المستقبل ودخول قوى سنية جديدة الى المجلس باتت “وحدة الصف السيادي” هدفا يتطلب الكثير من العمل والجهد لاقناع القوى الجديدة بالانتظام ضمن الصف الواحد بوجه محور الممانعة الذي يتمدد، كما أن دخول حزب الله الى الساحة السنية عبر بعض الودائع من النواب، يشكل هاجسا إضافيا لصقور المحور المقابل وعلى رأسهم جنبلاط الذي يرغب باستمالة النواب الجدد ضمن تكتل كبير يُعمل على إنشائه بالتنسيق مع شخصيات مستقلة لها تجربتها في مجلس النواب وقادر على التواصل معها كما انها لا تشكل خطرا على الرجل في منطقته، وتسعى كتلة اللقاء الديمقراطي الى شق طريق للحوار مع هذه القوى للبحث معها في القضايا الاساسية المرتبطة بشكل مباشر بالامور السيادية للدولة. في المقابل يتم التنسيق مع حزب القوات اللبنانية للغرض نفسه على أن تكون هناك جولة أفق في الاسابيع المقبلة تشمل قوى التغيير وقوى مستقلة لتنسيق المواقف.
مصادر نيابية معارضة تؤكد أن قوى التغيير لن تُغرد خارج السرب المعارض، فهي أيقنت أن التحالف مع المجموعات السيادية بات ضروريا بعد كل الانتكاسات التي تعرضت لها هذه القوى في الجلسات الاولى للمجلس، مشيرة الى أن الخطوة الاولى لجمع كل هذه القوى تبدأ بوضع جدول أعمال يُحدد الاهداف والاولويات التي يمكن ان تجتمع عليها تلك القوى وأبرزها الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على وضع خطة مالية انقاذية للبنان مرتبطة أيضا بقرار واحد للدولة اللبنانية.
وتتجنب هذه القوى الالتزام بمطالب أو أهداف قد تكون موضع خلاف فيما بينها، وتُساعد بعض الشخصيات المستقلة على تقريب وُجهات النظر بين القوى الكتل الثلاث “الجمهورية القوية-اللقاء الديمقراطي- قوى التغيير”، هذا بالاضافة الى حزب الكتائب اللبنانية وقوى مستقلة كالنواب نعمة افرام فؤاد مخزومي ميشال الضاهر، فيما لا يزال النواب السنة المحسوبين على تيار المستقبل سابقا او يدورون في فلكه يواجهون مشاكل مرتبطة بتوحيد الصف نظرا للاختلاف الكبير فيما بينهم.
ورغم قُبلات النواب وصور الـ “سيلفي” التي جمعت الكتل الأشد إعتراضا فيما بينها، يبقى الانقسام كبيرا في مقاربة السياسات العامة في البلاد وسيكون التصويب على حزب الله وسلاحه عنوان المرحلة المقبلة.
المصدر :علاء الخوري – LebanonFiles