لم يعد شبح “الدولرة الشاملة” بعيداً عن إقتصاد لبنان بعد مرور أكثر من عامين ونصف على الأزمة، بل أصبح أمراً واقعاً يسيطر على معظم العمليات التجارية في قطاعات كثيرة حيث تدفع الفواتير بعملة الدولار أو ما يوازيها بحسب سعر الصرف في السوق السوداء. ما يشرّع الأبواب أمام أسئلة متعددة عن إن كان الإتجاه إلى الدولرة الشاملة يعتبر حل مناسب للأزمة الإقتصادية والنقدية الحالية، ومصير الليرة في ضوئها، والأثار المستقبلية التي قد تنتج عن إعتماد الدولرة على لبنان وإقتصاده.
موقع Leb Economy طرح مجموعة من االأسئلة على الباحث الإقتصادي شادي نشابة الذي أكد أن “الدولرة” ليست ظاهرة جديدة في لبنان، مشدداً على ضرورة إنشاء “مجلس نقد” لحماية الليرة.
الباحث الإقتصادي شادي نشابة
هل الإتجاه إلى الدولرة الشاملة يعتبر حلاً مناسباً للأزمة الإقتصادية الحالية؟
وفقاً لنشابة، “يسير لبنان بكل تأكيد نحو الدولرة الشاملة طالما دعم مصرف لبنان بقي مقتصراً على منصة صيرفة، المشتقات النفطية، القمح، وبعض الأدوية”.
وأشار نشابة إلى أنه “بحسب الدراسات هناك حوالي 80 الى 81% من الإقتصاد اللبناني مدولر، وبالتالي موضوع الدولرة ليس ظاهرة جديدة وفجائية في لبنان، فإقتصاد لبنان يرتكز على الدولار.”
هل ستزيد الدولرة الشاملة من فقدان الليرة اللبنانية قيمتها وبالتالي إلغاء وجودها؟
أشار نشّابه أن “الحديث عن مصير الليرة وإلغاء وجودها عند تناول الدولرة الشاملة يبقى ضمن الإطار المعنوي والوطني. فاليوم يقصد التجار السوق السوداء أو منصة صيرفة للحصول على الدولار مقابل مبالغ مالية بالليرة”.
وشدد على إنه “من المهم للبنان أن يُنشئ “مجلس النقد” الذي من خلاله يتم طبع الليرة نسبة لما يقابلها من إحتياطي العملة الصعبة والذهب، وبالتالي مجلس النقد هو جزء أساسي من الحل للتخفيف من تدهور الليرة اللبنانية، إذ لا يجوز إعتماد سياسات تقوم على طباعة الليرة شمالاً ويميناً دون أي دراسة، ومن ثم يتم التلاعب بسعر صرف الدولار لجمعها من السوق”.
أي آثار مستقبلية قد يحملها إعتماد الدولرة الشاملة على إقتصاد لبنان؟
وفقاً لنشابة “إذا لم نتخذ خطوات تساهم في تحويل الإقتصاد اللبناني إلى إقتصاد منتج بدل من ريعي، وإعتماد خطوات إصلاحية، والإتفاق مع صندوق النقد الدولي. وإذا لم يعتمد لبنان سياسة دبلوماسية تقوم على التوافق على الأقل مع الدول العربية وتشجيع الإستثمار، إن ذهبنا إلى الدولرة أم لم نذهب فالنتيجة واحدة وهي الإنهيار.”
وقال: “قد نتجه نحو الدولرة لفترة من الزمن دون أن تؤثر على الإقتصاد اللبناني، ولكن يجب أن تكون مرهونة بالتوازي مع سياسة تتجه نحو خطوات إصلاحية، وتحفيز الإستثمار ، وإستعادة الثقة، وإرساء أجواء الإستقرار. ولكن مع الأسف، المشهد السياسي في لبنان لا يوحي بأننا نتجه إلى الجو الذي يؤمن الحد الأدنى من الإستقرار والإصلاح، ومن الواضح أن المجتمع الدولي والعربي لن يقدم دعم فعلي للبنان من دون إجراء الإصلاحات المطلوبة”.