ليس عبثا ما صدر من تحليلات لخبراء تدعو من لديه الدولارات إلى أن يحافظ عليها، فالمقصود في أغلب الظن أن سعر الصرف قابل للتغيير، لكن في الواقع قد يكون الاحتفاظ بالعملة الخضراء مرده إلى دولرة القطاعات، كما هو حاصل اليوم وخلافا لكل القوانين. كل شيء يسعر بالدولار، طبعا بأستثناء محلات المواد الغذائية، لكن لا يمنع أن تطلق الدولرة على بضائعها ومستلزماتها في وقت لاحق. حرام الليرة اللبنانية وحرام “ستفة” المئات التي يتقاضاها العدد الأكبر من الموظفين اللبنانيين حاليا، لأنها لم تعد تنفع، لا بل حرام الشعب اللبناني.
مفهوم أن تنتعش السياحة اللبنانية بتسعيرة الدولار وان يربح القطاع السياحي في موسم الصيف، لكن ما هو غير مفهوم اتجاه القطاعات الأخرى إلى اعتماد الدولار كجزء من التعاطي التجاري أو غيره. لماذا الأستغراب؟ كل شيء متاح طالما أن البلد في قلب الأنهيار .
ولمن لا يعرف معنى الدولرة أوالـ dollarization فهو مفهوم يستخدم عندما تعتمد دولة ما على الدولار الأميركي أو عملة دولة أجنبية أخرى رسميا بدلا مع عملتها الوطنية أو بالأضافة إليها وتدعى هذه العملية أحيانا بإسم استبدال العملة .
تحدث الدولرة وفق دراسة لجامعة هارفرد عندما يكون المصرف المركزي في البلد ضعيفا أو اقتصاده ليس مستقرا، لذا تلجأ الدولة إلى اعتماد عملة دولية كعملة رسمية في التعاملات المالية للحفاظ على الأقتصاد من حالات التضخم الجامح.
“خبي دولارك الأخضر ليومك الأسود”.. تقول سهام ع. لوكالة أخبار اليوم إلى أنها كموظفة باتت تلجأ إلى تحويل راتبها إلى دولار ليس بغية الاستفادة من تقلبات سعر الصرف إنما لأن معظم ما تبتاعه مسعر بالدولار. وتسأل: كيف اصبح ذلك متاحا في بلد يتقاضى موظفوه رواتبهم بالليرة اللبنانية وعند تحويل هذا الراتب الى دولار يكاد ان لا يساوي شيئا.. وتدعو سهام أصحاب الشركات التي لا تزال تدفع بالعملة الوطنية إلى اعطاء مبلغ مقطوع بالدولار لسد بعض الحاجات الأساسية .
ومنذ أن أعلن الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر أن المدارس الخاصة ستتقاضى قسما من الأقساط بالدولار، حتى بدأت جوزيان بضرب الأسداس بالأخماس وفق ما تروي، مشيرة إلى أن المبلغ المطلوب عن كل طالب يتراوح بين ال ٤٠٠ وال ٥٠٠ دولار بالإضافة إلى القسط اللبناني. وتقول انها سارعت منذ الآن إلى رهن ما تملك من ذهب كي تتمكن من إكمال تعليم ولديها لا سيما انهما في صفوف متقدمة ويتعذر عليها نقلهما إلى مدرسة رسمية.
وتضيف: أتفهم مطالب الأساتذة لكن ما سبب هذه الكمية من الفريش المطلوبة، هل أن المواد المستخدمة في المدارس كلها من الخارج، مشيرة إلى أن المواطنين اما استسلموا للأمر الواقع أو انهم في حالة نوم عميق، في حين أن البعض الآخر وهو من القلائل يعترض بصمت .
وفي ملف الدولرة ، تقول أوساط مراقبة لوكالة “أخبار اليوم” أن التحرك مطلوب من أجل فرض التوازن، وعدم استغلال تطبيق الدولرة كما عدم تعميمها إلا في قطاعات تتطلب التعاطي مع الدولار. وتشير إلى أن الاستثناءات في لبنان تطبق دائما بشكل استنسابي أو خاطئ ..
وتلفت إلى أن تطبيق الدولرة أخذ يشق طريقه ومن المرجح أن يطبق بشكل جزئي مثل الارجنتين أو بشكل كامل مثل الاكوادور والسلفادور..
وامام هذه الحقيقة، ما على اللبناني إلا مواصلة تبديل ما يملك مقابل بعض الدولارات لمأكله ومشربه وإن أمكن لما يعتبره أولوية..
المصدر : كارول سلوم – وكالة اخبار اليوم