لا يكاد يمر يوم لا يُسجَّل فيه تقرير أو موقف صادر عن مؤسسة دولية او اممية او عن عاصمة كبرى، يضيء على الوضع الكارثي الذي يتخبط فيه لبنان ويحذّر ايضا من الاسوأ الآتي في حال استمر الدوران في الحلقة المفرغة، مستخدما تعابير مخيفة لتوصيف ما ينتظرنا ليس أبشعها “المجاعة” و”الانهيار”.
أمس، لفت تحذير مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، بربارة ليف أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ من أنّ “لبنان الآن على شفير انهيار الدولة والمجتمع”، مبدية في المقابل حرص واشنطن على تجنّب هذا الانهيار لأن انعكاس ذلك لن يقتصر على اللبنانيين بل سيشمل دول المنطقة “بشكل أوسع وأكبر”. وكشفت في هذا الإطار أنّ “العاهل الأردني هو أكثر الأشخاص القلقين بين شركائنا حيال احتمال الانهيار في لبنان ويريد أن يقوم بكل شيء ممكن لتخفيف هذا الاحتمال”، مشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ بلادها لم تتخذ أي قرار بعد حيال منح الاستثناءات المتصلة بالعقوبات على سوريا لاستجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية إلى لبنان “لأنّ هذه الدول لم توقّع أي عقود بعد” بهذا الخصوص. ورداً على سؤال حول مدى فعالية المساعدات الأميركية للجيش اللبناني، شددت ليف على أنّ “القوات المسلحة اللبنانية على شفير أن تصبح المؤسسة الوطنية الوحيدة التي لديها القدرة على الحفاظ على الأمن وتخفيف بعض انعكاسات انهيار لبنان (…) وآخر شيء نريد أن نراه هو انهيارها أيضاً”.
وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، يفترض ان يؤخذ هذا الانذار الاميركي على محمل الجد وأن يحرّك شيئا لدى القيمين على مقاليد حكم البلاد، فيقوموا مثلا، اليوم قبل الغد، بالدعوة الى الاستشارات النيابية لتكليف رئيس للحكومة على ان يسهلوا عليه مهمّة تأليف حكومة انقاذية بكل ما للكلمة من معنى، بعيدا من الشروط والحسابات الفئوية.. لكننا مع الاسف، بعيدون كل البعد عن هذا التوجّه. فوفق المصادر، اهلُ المنظومة لن يقرأوا من هذا الموقف الاميركي الا الجزء الذي يتحدث عن خشية اميركية ودولية وعربية من انهيار لبنان لانه سيصيب بشظاياه، المنطقةَ والجوار، وذلك ليستمرّوا في استثمار القلق الدولي هذا، فيواصلون لعبةَ شد الحبال وتحصيل المكاسب، مراهنين على ان مهما اشتدت الازمة، فإن الخارج سـ”يلمّنا” في اللحظة الاخيرة، وينتشلنا ويمنع الانهيار، خوفا من تداعياته.
هذه الخلاصة التي تقودنا إليها تجاربُ السنوات الاخيرة مع المنظومة، تعني ان لبنان باق حاليا على شفير الهاوية، خاصة وان نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة لم تُترجَم في العمل السياسي ولم تَحمل التغيير المنشود، بما ان مكوّنات الفريق المعارض للسلطة، مع الأسف، مشتتة ومنقسمة على ذاتها…