من المتوقّع أن يكون لبنان على موعد مع صيف حار مع قدوم أعداد كبيرة من المغتربين وهذا الأمر سيؤدّي حتماً الى إنعاش الاقتصاد ولتحريك عدد لا بأس به من القطاعات التي ستستفيد من إدخال العملة الصعبة إليها… من يسمع بهذا الامر يظنّ أن مليارات المغتربين ستؤدّي حتماً الى خفض سعر صرف الدولار مقابل الليرة ولكن العمليّة معقدة أكثر من ذلك، فتلك الأموال لن تدخل في العمليّة النقديّة السليمة أو في حسابات مصرف لبنان!.
“لا تأثير لقدوم المغتربين على سعر صرف الدولار، ومهما دخل من أموال الى البلاد من السوّاح فهي لن تدخل في العملية النقدية التي يمكن أن تضبط سعر الصرف”. هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي محمود جباعي، مشيرا عبر “النشرة” الى أن “المتحكّم بسعر الصرف هو السوق السوداء، وأكبر دليل على ذلك أنه دخلت أعداد كبيرة من المغتربين في السنوات الماضية إضافة الى التحويلات السنوية من الخارج والتي بلغت 6 مليار دولار، ورُغم ذلك إرتفع سعر الصرف”. بدوره الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة يلفت الى أن “أموال المغتربين لن تدخل ضمن القطاع المصرفي لتخفّف من وطأة الأزمة بل ستكون خارجه وتحديداً في السوق السوداء وقسم آخر “كاش” سيدخل في العملية التجارية الشرعيّة”.
يلفت عجاقة الى أنّ “وجود الدولار سيخفّف حتماً من وطأة الأزمة، ولكن المشكلة تتأزّم عندما تبدأ المضاربات من التجّار والصيارفة ومن بعض المجموعات التي تقوم بعملية حجز للدولارات”. أما جباعي فيشير الى “وجود لاعبين أساسيين في قضية الدولار، وهما المصرف المركزي والسوق السوداء الّـتي تتفوّق على مصرف لبنان”، مضيفا: “التوقعات أنه دخل على البلاد في السنوات الثلاث الماضية 22 مليار دولار جزء منهم ذهب للاستيراد وبقي حوالي 12 مليار دولار هي في متناول الناس”.
“حالياً بدأت المصارف تخفّف الدفع على منصّة صيرفة، وهذا سينعكس على سعر صرف الدولار الذي سيبدأ بالارتفاع وسنعود الى نفس المعضلة التي كنا فيها سابقا”. هنا توقع جباعي أنه “في حال توقّفت المنصّة عن العمل كما يجب، ستشهد العملة الخضراء ارتفاعا ما بين 30 الى 32 الف ليرة وفي حال لم تضخّ “صيرفة” الدولار نهائيا سيصل الى 40 الف ليرة رغم قدوم المغتربين، أما اذا بقي الضخ مستمرًّا فإن الليرة ستبقى على ما هي عليه اليوم”، مختصرا القول بأنّ “العامل الوحيد الذي يمكن أن يضبط التذبذب هو حجم الضخّ على “صيرفة” وإذا انخفض سيحلّق”، في حين أن عجاقة يرى أنه “بمجرد دخول العملة الصعبة الى البلاد سيكون هناك انخفاض لسعر الصرف”.
من يريد أن يعرف تأثير قدوم المغتربين الى لبنان عليه أن يعود بالذاكرة الى العامين الماضيين، ففي العام 2020 كان هناك سواح وشهد الدولار ارتفاعا، وفي العام الماضي تكرر الأمر ولامس 30 الف ليرة وعاد للإنخفاض من جديد، إذاً أعداد المغتربين والمليارات ليست بعبرة، وتبقى العين على ما سيقوم به مصرف لبنان وعلى استقرار الوضع، الذي حتما سيكون له انعكاساته!.
المصدر : باسكال – النشرة