بعد أنْ تُغلَق اليوم معركة رئاسة مجلس النواب ونائبه وهيئة المكتب تبدأ معركتان متوازنتان على المسار نفسه معركة اللجان النيابية ومعركة تسمية رئيس حكومة لتشكيل حكومة جديدة.
في الشقّ المُتعلّق بمعركة اللجان النيابية فإنّها لن تكون سهلة كما جَرت العادة خصوصاً أنّ المنحى التغييري في المجلس يَعتبرها المعركة الأساس ويُريد ترشيح نوّاب في جميع اللجان تقريباً لجنة المال والطاقة والبيئة والعدل، بهدف تحريك عجلة المُحاسبة في ملفات مفتوحة في ما يتعلّق بهذه القطاعات، لا سيّما في موضوع إستقلالية القضاء وهو البند الأول على جدول أعمال هؤلاء النواب مُضافاً إليهم نواب القوات اللبنانية ونواب المعارضة، رُغم أنّ الكلمة الفصل في أي مشروع قانون هي لهيئة العامّة للمجلس.
أمّا الشق المُتعلق بتسميّة مرشح لتشكيل الحكومة فهنا تكمن المعضلة الحقيقية، حيثُ لا يبدو أنّ الأمور ستكون سهلة خصوصاً إنّ هذا الإستحقاق لن يكون بمعزل عن الإستحقاق الأهم وهو إنتخاب رئيس جديد للجمهورية مع إنتهاء ولاية الرئيس الحالي العماد ميشال عون في تشرين الأول المُقبل، وذلك لأسباب عدّة:
-هذه الحكومة إذا ما شُكلت سيقع على عاتقها القيام بما يُشبه المعجزة لمنع الإنهيار النقدي والإقتصادي في البلاد.
-هذه الحكومة قد لا يقتصر عمرها على الخمسة أشهر التي تفصل عن إنتهاء ولاية الرئيس عون ففي عدم الإتفاق على إنتخاب رئيس من شأن ذلك أن يُمدّد لعمر هذه الحكومة لأشهر طويلة وربما يتعدّى السنة.
-هذه الحكومة قد تكون مَن يُمثّل السلطة الرسميّة في حال عُقد مؤتمر دولي خاص بلبنان في حال الوصول بالوضع الى الحائط المسدود.
وإزاء هذه الأسباب يُصبح موضوع تسميّة رئيس لهذه الحكومة مُعقدّاً وموضوع تجاذب بين كافّة الأطراف التي تعتبر نفسها الفائز الأكبر في الإنتخابات النيابية وبين مَن إعتاد على الإمساك بزمام أمور اللعبة السياسيّة وبالتالي تشكيل الحكومة.
وتُفيد أوساط متابعة أنّ “حزب الله أو الثنائي الشيعي تحديداً مُضافاً إليهما التيار الوطني الحر يُفضلون إعادة تسمية رئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي، وهو ما عبّر عنه رئيس الجمهورية صراحة وكذلك الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله”.
وحول خيَارهم هذا رغم العراقيل التي رافقت تكليفه في المرة الأولى وتأخره لأشهر لإعلان التشكيلة، فتُوضح المصادر إلى أنّ “هذه الأطراف باتت على يقين أنّ ميقاتي بعد الرئيس سعد الحريري هو المُرشح الوسطي بين الشخصيات السنية المطروحة لشغل هذا المنصب، بعد ان إتخذت تلك الشخصيات مواقف حادّة من حزب الله حتى من كانوا إلى الأمس القريب حلفاء له ومحسوبين على 8 آذار”.
كما أنّ طرح بعض التغييريين والمُعارضة لإسم السفير نواف سلام يلقى رفضاً قاطعاً من حزب الله وهو ما يدفعه إلى إعادة تسمية ميقاتي على إعتباره الشخصية الوسطية التي أثبتت التجربة أنّه الأفضل لقيادة المرحلة الإنتقالية.
ويَبقى السيناريو الأخطر في حال عدم التوصل إلى تسميّة شخصية لتشكيل الحكومة أو تسمية ميقاتي، بأن ندخل في فراغ حكومي يقتصر على إستمرار تصريف الأعمال لنصل إلى الإستحقاق الرئاسي، الذي قد يشهد عرقلة شبيهة في ظل ظروف إقتصادية صعبة مرشحة للإنهيار الكلي وبالتالي لن يكون أمام المجتمع الدولي سوى التدخل عبر مؤتمر دولي يُعيد صياغة ما يشبه الدستور الجديد للبنان وتحديد الصلاحيات التي لا يكون فيها مكان للعرقلة
ch23