لم يكن كلام المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل خلال مقابلة تلفزيونية امس خارجا عن التوجه العام للولايات المتحدة الاميركية في لبنان، خصوصا ان محطة الانتخابات النيابية باتت، ومنذ مدة، مجرد محطة في المسار العام للاستراتيجية الاميركية، ولعل نتائج الاستحقاق النيابي ثبتت هذه النظرية.
بالرغم من النتيجة الجيدة التي حققها المجتمع المدني في الانتخابات النيابية والتي كانت مفاجئة للكثير من المراقبين، الا ان واشنطن عبرت ، في اكثر من مناسبة وعلى لسان اكثر من مسؤول معني بالملف اللبناني، عن عدم رضاها عن النتيجة النهائية وكيفية تمظهر التوازنات الجديدة.
اول عوامل انزعاج الاميركيين هو ان كتلة المجتمع المدني النيابية لم تتجاوز العشرين نائبا، بل في احصاء دقيق قد لا تتجاوز الـ١٣ نائبا بعد استبعاد بعض الشخصيات التي سيتم استقطابها من فريقي الانقسام التقليدي في البلد، ولعل هذا الرقم هو الذي ذكره هيل خلال مقابلته.
الانزعاج الثاني هو من عدم القدرة على اختراق الواقع الشيعي، والمقصود هنا ليس تحقيق خرق نيابي اذ ان كل الاستطلاعات كانت تحسم استحالة حصول هذا الامر، لكن المقصود هو حصول خرق شعبي ان كان بنسب المقاطعة وتراجع نسبة الاقتراع، او من حيث حصول مرشحي “التغيير” على عدد اكبر من الاصوات.
لقد استطاع حزب الله خلال الانتخابات النيابية رفع نسبة التصويت الشيعية في الغالبية العظمى من الدوائر كما ان مرشحي التغيير لم يحرزوا اي تقدم شعبي مقارنة بالانتخابات السابقة، وعليه فإن الساحة الشيعية لا تزال مغلقة على اي تأثير.
في المقابل فان اضعاف حلفاء حزب الله كان احدى النتائج الاساسية التي تحققت في الانتخابات والتي قد ترضي الاميركيين على قاعدة ان عزل الحزب يبدأ من خلال اضعاف حلفائه في كل الطوائف اللبنانية، وهذا هو احد انجازات حالة الامتعاض العامة في الشارع اللبناني والتي بدأت منذ الحراك الشعبي.
كلام هيل وقبله حديث بعض المسؤولين الاميركيين يوحي بأن لبنان يتجه نحو حالة من التعطيل الكامل ما يعني ان الانهيار سيستمر بشكل متسارع في ظل عجز كامل عن ادارته، وهذا يفتح الباب امام اسئلة كثيرة حول استمرار الضغوط الاميركية في المدى المنظور لتحقيق المزيد من الانجازات او اقله لعدم استباق التسوية الاقليمية…
المصدر: خاص “لبنان 24”