لم تُبرم التسويات السياسية بعد، فانتخابات رئاسة المجلس( المحسومة) لصالح رئيس حركة أمل نبيه بري تنتظر التفاهم حول نائب الرئيس ليدعو الرئيس بري إلى جلسة لانتخاب رئيس لمجلس النواب ونائب له، غير أن خريطة الطريق لا تزال غير واضحة ويشوبها الغموض في ظل المد والجزر الحاصل على خط عين التينة – ميرنا الشالوحي. فلقاء مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يوم الاثنين لن يكون يتيما، فالتواصل سوف يستمر إلى حين إيجاد صيغة ما ترضي طرفي النزاع وتمرر استحقاق “ساحة النجمة” بسلام. فحزب الله يسعى، وفق مصادر مقربة منه، إلى تأمين النصاب المطلوب لجلسة الانتخاب وهو 65 نائباً والذي يبدو محفوفا بالمخاطر من دون نواب” التيار الوطني الحر
“.
دستوريا، يوضح الخبير الدستوري والأستاذ الجامعي الدكتور عادل يمين ل “لبنان24” بأنّه استناداً إلى أحكام الدستور ولا سيّما المادة 44 منه والنظام الداخلي للمجلس النيابي ولا سيّما المادتين الثانية والثالثة منه ، يتعين عند بدء ولاية البرلمان الجديد أن يجتمع الأخير خلال مهلة خمسة عشر يوماً من تاريخ بدء ولايته من أجل انتخاب رئيس مجلس نواب ونائب رئيس مجلس نواب وأميني سرّ وثلاثة مفوضين بناءً على دعوة من رئيس السن وبرئاسته وإذا تعذر عليه الحضور فبرئاسة أكبر الأعضاء سناً، وبناءً عليه، يرى الدكتور يمين أنّ من واجب رئيس السن أن يدعو المجلس النيابي الى الانعقاد خلال مهلة خمسة عشر يوماً من بدء ولايته لانتخاب رئيس ونائب رئيس له وأميني سر وثلاثة مفوضين، ولكنّه إذا لم يفعل خلال هذه المهلة لا يعني ذلك أنه لم يعد يستطيع أن يفعل خارجها أو لم يعد من حق البرلمان الجديد الانعقاد من أجل انتخاب هيئة مكتبه بعد انقضاء المهلة المذكورة، وإلّا بحسب رأي يمين، إذا اعتمدنا حلاً معاكساً، فذلك يقود إلى إسقاط البرلمان وإلغاء نتائج الانتخابات لأنّ البرلمان لا يستطيع أن يعمل بدون هيئة مكتب مجلس نواب، ومن غير المعقول أن يكون المشترع الدستوري قصد الوصول إلى هذه النتيجة الخطيرة لأنّه يكون قد خوَّل ضمناً رئيس السن حقّ حل المجلس النيابي قبل مباشرته أعماله ، وبناءً عليه اعتبر يمين أنّ هذه المهلة هي مهلة حث وليست مهلة إسقاط
.
وبرأي يمين انّ حق توجيه الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب محصورة بيد رئيس السن من بين النواب المنتخبين الـ 128 وليس من نصّ في الدستور ولا في النظام الداخلي يعطي هذه الصلاحية لسواه إذا لم يمارسْها، في حين أنّ ترؤس جلسة الانتخاب منوط برئيس السن ولكن إذا تعذّر عليه الحضور يترأسها أكبر الأعضاء سناً من بين الحاضرين استناداً إلى الفقرة الثانية من المادة الثانية من النظام الداخلي للمجلس النيابي.
وحول الأغلبية المطلوبة للفوز برئاسة مجلس النواب، يلفت يمين، إلى وجوب توافر النصاب الدستوري من أجل صحة انعقاد الجلسة وافتتاحها وهو الأغلبية المطلقة من عدد الأعضاء الذين يتألف منهم البرلمان، أي 65 نائباً على الأقل من أصل 128، على أن يفوز المرشح المفترض برئاسة مجلس النواب ، وكذلك الأمر في ما خصّ جولة انتخاب نائب رئيس البرلمان ، وكلّ من الجولتين تتمّ على حدة، بالأغلبية المطلقة من أصوات المقترعين بموجب اقتراع سري، وتبنى النتيجة في دورة اقتراع ثالثة على الغالبية النسبية، وإذا تساوت الأصوات فالأكبر سناً يُعدُّ منتخباً، علماً بأنّه لا توجد آلية قانونية للترشح لرئاسة أو لنيابة رئاسة مجلس النواب أو لباقي مراكز هيئة مكتب مجلس النواب. ويشير إلى أنه استناداً إلى المادة 12 من النظام الداخلي للمجلس النيابي لا تدخل في حساب الاغلبية في أي انتخاب يجريه البرلمان الاوراق البيضاء أو الملغاة.
أما سياسيا، فالمشهد أشبه بانتخابات العام 2005، لكن المفارقة تكمن في أن “الثنائي” نجح في منع اختراق صفوفه الشيعية، ربما لتوجسه خطر فوز شخصيات شيعية “تغييرية” قد يتم ترشيحها لرئاسة المجلس، ليتحكم بورقة رئاسة المجلس ولو في دورة اقتراع ثالثة اذا لم تحل العقد المتصلة بالسلة المتكاملة التي يطالب بها رئيس التيار الوطني الحر ويبدو انها ابعد من نائب رئيس وتعقد التفاوض مع بري.
وفي معلومات “لبنان 24” من مصادر موثوقة ومقربة من حزب الله ، فإن باسيل أبلغ صفا رفضه تسمية النائب الياس بوصعب لنيابة رئاسة المجلس، وبحسب هذه المصادر، فإن موقف باسيل الغير منطقي، مرده ايجابيات يتمتع بها بوصعب تبدأ بعلاقته الجيدة بالرئيس بري منذ ما قبل توليه حقيبة وزارة التربية، وصولا الى علاقاته الخليجية( الاماراتية على وجه التحديد) والاميركية ( العلاقة مع الديمقراطيين في الادارة الاميركية) والتي يفترض ان تشكل دافعا عند باسيل للسير ببوصعب، الا ان لقب “دولة الرئيس” سيمنح بو صعب “وزنا سياسيا” اثقل مما يتحمله باسيل والتيار ، وهذا يعني ان الحسابات الضيقة للاخير تكاد تخسر تكتل لبنان القوي نيابة رئاسة المجلس فضلا عن التمثل بهيئة مكتب مجلس النواب واللجان
.
وبحسب المعلومات فإن أجواء “تكتل لبنان القوي” يوم امس لم تنته على ما يرام، التباينات سيدة الموقف. فالنواب البرتقاليون مستاؤون من ادارة باسيل للمعركة. ويعتبرون ان حق التيار الوطني الحر ( التكتل المسيحي الاول) الاستحواذ على موقع نيابة المجلس وان يتمثل بهيئة مكتب المجلس ويتولى رئاسة عدد من اللجان، الا ان اجتماع يوم امس انتهى من دون التوصل الى اي قرار في هذا الشأن على ان يستكمل النقاش في الساعات المقبلة.
وسط ما تقدم، تؤكد المصادر ان باسيل على عناده من مسألة رئاسة المجلس، ولا ينوي التقدم خطوة الى الأمام كترك حرية الاختيار لنواب التكتل في مسألة تسمية الرئيس بري لرئاسة المجلس. وهذا يعني انه لا يزال يوصد الابواب امام اي وساطة لا تمنحه المكاسب التي يريدها.
وربطا بكل هذه الاجواء، تقول المصادر نفسها إن اسمي النائبين غسان حاصباني وملحم خلف سقطا . فالأول أطاح به موقف حزب القوات المبدئي من عدم تسمية بري لرئاسة المجلس. والثاني رغم الصداقة التي تربطه بالأستاذ إلا أنه فشل في إقناع قوى التغيير بوجهة نظره. ليتقدم إلى الواجهة النائب سجيع عطية لنيابة الرئاسة من دون أن يعني ذلك أن الأمور حسمت نهائيا لصالحه.
lebanon24