في العام 2020، وقّعت أربع دول عربية – الإمارات والسودان والمغرب والبحرين – اتفاقات سلام لتطبيع العلاقات مع العدو الإسرائيلي، الا ان الامور لن تقف عند حدود هذه الدول الاربع، فاسرائيل وفق اعلامها ودبلوماسييها، بدأت الترويج الى توجه قطري للتطبيع معها من بوابة الرياضة، اذ ان السلطات القطرية والإسرائيلية تنظران حاليا في إمكانية تسيير رحلات مباشرة بين تل أبيب والدوحة، في خطوة تهدف للسماح لألاف المشجعين الإسرائيليين ممن قالت أنهم ضمنوا مقاعدهم في ملاعب قطر لحضور مباريات مونديال كاس العالم من دون الحاجة لرحلات وسيطة وهي ذات الخطوات التي بدأتها تل ابيب مع الإمارات والبحرين قبل توقيع اتفاق ابراهام برعاية أميركية.
لاشك ان المنطقة منقسمة إلى محورين. محور ماض في نهج التطبيع، ومحور رافض له (لبنان وسوريا وايران والعراق).لكن هل يمكن جر الدول المقاومة الى مسار التطبيع مع العدو الاسرائيلي؟وماذا عن لبنان؟ هل سينجح في مقاومة هذا المشروع؟ فلبنان الرسمي والشعبي لا يريد سلوك طريق التطبيع لكن ماذا عن بعض القوى السياسية المؤثرة في البلد والتي تعتبر حليفا اساسيا لحزب الله؟
في تصريح الى قناة lbci عشية الانتخابات النيابية أعلن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل”أنني أحبّ أن نتوصل الى سلام مع إسرائيل وحزب الله لا يؤيّدني في هذا الموضوع، فيجب أن نتوصل الى السلام ولكن السلام لديه شروط”، ليعود باسيل ويوضح في تصريح لقناة الميادين ( المحسوبة على حزب الله وايران) أنّ “حديثه عن السلام مع إسرائيل، يستند إلى مقررات قمّة بيروت في العام 2002″، في إشارة إلى القمة العربية التي عُقدت في بيروت، في 27 آذار التي تضمنت في بيانها تطبيع العلاقات مع إسرائيل شريطة الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، حتى حدود الرابع من حزيران عام 1967″.
بدأ واضحا ان الشعارات التي خرجت بها الحملات الانتخابات النيابة في لبنان لا علاقة لها بالواقع اللبناني وواقع اللبنانيين وواقع الدولة اللبنانية المنهارة وذهبت بعيدا في المعادلات الدولية والإقليمية. فانعكس الأمر على نتائجها التي اظهرت التناقضات العميقة بين الحلفاء وضمن اللوائح وحقيقة المشاريع والطموحات الشخصية والفئوية على الصعيدين الداخلي والدولي.
الاكيد أن السلام مع كيان العدو والتطبيع معه، يقسم اللبنانيين كما يقسم العرب، يقول استاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس عيسى الايوبي لـ”لبنان24”. وقد ظهر الأمر في خطابين متناقضين لحليفين: الأول خطاب النائب باسيل الحليف لحزب الله الذي دعا إلى السلام مع ( اسرائيل) على قاعدة ان لا خلاف ايدبولوجيا معها وهنا يتقارب خطاب باسيل مع خطاب خصمه السياسي سمير جعجع ، بينما يصب خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خانة التأكيد ان إسرائيل عدو ايديولوجي وحقوقي وتاريخي. ليأتي خطاب السيد نصر الله الاخير الداعي لتأجيل البحث بموضوع سلاح حزب الله لسنتين اثنتين لافتا ويطرح العديد من الأسئلة التي تبحث عن إجابات داخلية وإقليمية و دولية .
داخليا يطرح الوضع الداخلي الاقتصادي والاجتماعي، بحسب الايوبي، ظلا ثقيلا على حزب الله وبالتالي عليه ان يطالب بهدنة والتفرغ لحل المشكلات الداخلية وارتباطاتها بالملفات الإقليمية والدولية، بينما الهم الأساسي لباسيل يكمن في كيفية رفع العقوبات الأميركية عنه وإعادة تموضعه كمرشح له حظوظ في رئاسة الجمهورية .
هذا الأمر ليس بعيدا عن قاعدة تلازم المسارات الداخلية والمسارات الدولية، يقول الايوبي. فالسنتان المقبلتان ستحددان مسار التطبيع العربي مع إسرائيل، توقفا او توسعا او سلاما شاملا، الامر الذي يلغي النقاش والخلاف حول سلاح حزب الله في لبنان ووظيفة إسرائيل في المنطقة. وستحدد عملية السلام النظام في سوريا ودورها في الإقليم .كما سيتحدد حكما مسار المصالحة العربية والعلاقات بين إيران و بعض العرب و إيران والولايات المتحدة مع ما تحمل هذه المسارات و الاتفاقيات من نتائج على ملف الطاقة في الشرق الأوسط، فضلا عن مستقبل التركيبة اللبنانية الداخلية التي حكما ستكون مختلفة عما هي عليه اليوم ومنذ تأسيس الدولة ميثاقا وصيغة .
لكن يبدو واضحا ان الانتخابات النيابة اللبنانية هي مرحلة أولى والانتخابات الرئاسية هي نقطة الانطلاق للبنان المستقبل. واسرائيل ستبدأ حفر أولى الآبار في كاريش الذي تعتبر أن لها حقاً فيها، وتسعى إلى مشاركتها مع لبنان. ولا شك أن تراجع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن الخط 29 واعلانه أن الخط 23 هو حدود لبنان البحرية شجّع إسرائيل على البدء بالتنقيب عن النفط والغاز من دون التفاهم مع لبنان حول حصّته من الثروة النفطية الموجودة في هذا الحقل الذي تقوم شركة إنيرجيان اليونانية بتطويره واصبح جاهزا للانتاج التجاري.
المصدر: لبنان 24