ستكتسب تطورات الأيام المقبلة أهمية بارزة لجهة بلورة الاطار الذي سيدار من خلاله الاستحقاق الأول للمجلس النيابي الجديد وهو انتخاب رئيس للمجلس والذي عليه ستبنى التوقعات حول طبيعة قواعد اللعبة النيابية والسياسية الجديدة علما ان ثمة خشية واضحة ومبررة من ان تتحول الى قواعد اشتباك جديدة .
ويبدو أن البلاد مُقبلة على جولة جديدة من التصعيد والتوتر السياسي والامني، بموازاة تفجّر الأزمات الاجتماعية والاقتصادية بالجملة.
ووفق أوساط مطلعة لـ”البناء” فإن الكتل النيابيّة كافة مجبرة ولها مصلحة على تأمين نصاب انعقاد جلسة الانتخاب، كما أن انتخاب الرئيس نبيه برّي محسوم لكن المعركة على فوزه في الدورة الأولى بأكثرية موصوفة تفوق 65 نائباً أو أكثرية نسبية لا تتجاوز الـ45 نائباً، وهذا يرتبط بمواقف الكتل وطبيعة التحالفات والمقايضات بينها على الرئيس ونائبه وبقية المواقع.
وحسب مصادر مطلعة على سير الاتصالات، شبه المتوقفة أو التي تجري وسط كتمان شديد، فإن أولى الأزمات في المجلس النيابي، ستظهر من خلال انتخابات رئيس المجلس، وسط تريث الرئيس برّي، كرئيس للسن في الدعوة لجلسة الانتخاب والمأزق العام، الذي يواجهه “التغييريون” من النواب الجدد، لجهة الموقف المترتب، بدءاً من اقتراح تغييري في هوية الرئاسات الثلاث المتعارف على توزعها بين رئاسة الجمهورية (للموارنة) ورئاسة المجلس النيابي (للشيعة) ورئاسة الحكومة (للسنّة)، ونائب رئيس المجلس (للارثوذكس) وهكذا دوليك.. وترشيح شخصية غير شيعية وهذا، أمر يلقى معارضة لجهة الدخول في اشتباك مع الطائفة الشيعية، التي تتمسك فقط بترشيح الرئيس برّي كمرشح وحيد لرئاسة المجلس.
ونقلت “اللواء” عن مصادر سياسية متابعة للاتصالات الجارية للتمديد لانتخابات رئاسة المجلس النيابي، أن اكثر من سيناريو يتم التداول فيه لاتمام جلسة الانتخاب في ضوء ما طرحه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عن ما سماه بشروط لم يكشف عنها، والتي بالغ فيها أكثر من اللازم، وتتجاوز بأن يكون عضو التكتل النائب الياس ابو صعب، نائبا لرئيس المجلس، مقابل تأييد تكتله لانتخاب بري رئيسا للمجلس النيابي لهذه الدورة، لتطال هذه الشروط ، الاتفاق المسبق على تشكيل الحكومة الجديدة، رئيسا وتركيبتها.
ويعقد نواب المجتمع المدني الـ15 اجتماعاً اليوم لبلورة شكل التكتل الذي يزمعون إلى تأليفه، عشية الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس المجلس ونائبه، وسط توجه بات واضحاً لترشيح النائب المنتخب ملحم خلف لهذا المنصب، الذي تسعى “القوات اللبنانية” للحصول عليه، عبر ترشيح النائب عن الأشرفية غسّان حاصباني.
وكلفت “القوات اللبنانية” عقد اتصالات مع المجتمع المدني إذ كشف ان لقاء عقد بين “الملحمين” للتداول في التنسيق، وهما ملحم رياشي (حزب القوات)، وملحم خلف (المجتمع المدني).
ويتولى رئيس السن وهو الرئيس نبيه بري اجراء الاتصالات للدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس ونائبه واعضاء هيئة مكتب المجلس ورؤساء واعضاء اللجان.
وفي حين لم يوجه بري بعد الدعوة الى المجلس الجديد للانعقاد، افيد انه يتروى قليلا لتنفيس الاحتقان الذي رافق الانتخابات وتهيئة الاجواء لاجتماع المجلس واجراء جوجلة للاراء والافكار والطلب من النواب الجدد الذين تسلموا الدستور والنظام الداخلي وعددهم كبير، الاطلاع على بعض النصوص وشرحها ليكونوا على بينة من كامل الحيثيات لعملية الانتخاب.
واشارت المعلومات الى ان بري قد يتشاور مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وبعض القوى السياسية تحضيرا للجلسة التي قد تعقد منتصف او نهاية الاسبوع الجاري.
وتنص المادة 44 من الدستور اللبناني على انه «في كل مرة یجدد المجلس انتخابه یجتمع برئاسة اكبر أعضائه سناً ویقوم العضوان الأصغر سناً بینهم بوظیفة أمین. ویعمد إلى انتخاب الرئیس ونائب الرئیس لمدة ولایة المجلس كل منهما على حدة بالاقتراع السري وبالغالبیة المطلقة من أصوات المقترعین. وتبنى النتیجة في دورة اقتراع ثالثة على الغالبیة النسبیة، وإذا تساوت الأصوات فالأكبر سناً یعد منتخباً ..
أي أن النصاب المطلوب لجلسة الانتخاب هو 65 نائباً ويفوز في حال حصل على الأغلبية المطلقة، وإلا يعتمد إلى دورة ثانية وثالثة ويفوز بالغالبية النسبية.
وتوقعت أوساط سياسية متابعة لـ«الجمهورية» دخول باريس على الخط مجدداً، في وساطة تبدأ مع تكليف رئيس الحكومة والدفع في اتجاه تأليف حكومة، لأنّ الوضع المتأزِّم في لبنان لا يحتمل استمرار الفراغ، إنما يستدعي تأليف حكومة سريعاً، وأن تدخل ومجلس النواب في ورشة قوانين وإصلاحات ومفاوضات مع صندوق النقد الدولي. وفي حال تكلّلت المساعي الفرنسية بالنجاح في التكليف والتأليف، فتنتقل إلى البحث في الانتخابات الرئاسية، من أجل تقريب وجهات نظر الكتلة النيابية حول اسم واحد. ولكن في حال اصطدمت بعراقيل في التأليف، تتحدّث بعض المعلومات عن حوار ستقوده باريس من أجل الاتفاق على سلّة رباعية: اسم الرئيس المكلّف، شكل الحكومة، اسم رئيس الجمهورية، والإصلاحات التي يجب إقرارها.
lebanon24