كان واضحاً تأجيل الحكومة إقرار هذه الحزمة من القرارات والإجراءات إلى ما بعد الانتخابات النيابية. إنها قاعدة التسويف إياها. قبل أن يُكلف ميقاتي برئاسة الحكومة، تم اتخاذ إجراءات رفع الدعم في الوقت الضائع، فلم يتحمل هو مسؤوليته ولا تحمّلتها حكومة حسان دياب.
اليوم تعود الخفّة نفسها بالتعاطي. قوى سياسية مررت الاستحقاق الانتخابي، وجاءت الحكومة لتطلق كل الحمم دفعة واحدة، من دون تحمّل مسؤولية لأي جهة مسؤولة، والمجلس النيابي الذي يُفترض به إقرار هذه القوانين لم تكتمل هيئة مكتبه بعد.
ومن آليات الخفّة أيضاً، أن تقر الحكومة خطة التعافي المالية والمعدّة من قبل وزير المال المحسوب على الثنائي الشيعي، فيما زملاؤه في كتلة الثنائي الوزارية اعترضوا عليه وعلى خطّته! الأمر الوحيد والأكثر فقاعة وفظاعة الذي تم تجنّبه هو إقرار رفع الدولار الجمركي. فيما أقر رفع تعرفة الاتصالات.
إلغاء التزامات “المركزي”
كان على جدول أعمال الجلسة 133 بنداً، لم تتمكن الحكومة من استكمال إقرارها. فيما حضر رئيس الجمهورية ميشال عون النصف الساعة الأولى من الجلسة، وغاب على مدى ساعتين قبل أن يعود فيحضر مجدداً قبل رفعها، فيما تقول مصادر حكومية أن عون كان مرتبطاً بموعد مسبق مع قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي.
وكان لافتاً ما أعلنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن أن عون طلب من الحكومة الاستمرار في عملها إلى حين تشكيل حكومة جديدة، ولم يرد على لسان ميقاتي أن عون طلب من الحكومة الاستمرار في العمل ضمن تصريف الأعمال، فيما قال وزير الإعلام زياد مكاري أنه من الممكن أن تجتمع الحكومة في حال حصل أمر طارئ.
وتطمح الحكومة في خطة التعافي إلى إلغاء “جزء كبير” من التزامات مصرفها المركزي بالعملة الأجنبية للبنوك التجارية، وفقاً لخطة الإنعاش المالي. و”ستلغي في البداية جزءاً كبيراً من التزامات البنك المركزي بالعملة الأجنبية تجاه البنوك، من أجل تقليص العجز في رأسمال مصرف لبنان”.
ووافق مجلس الوزراء مبدئياً على خطة وزير الاتصالات، لكنه شكّل لجنة للبحث في تفاصيل إضافيّة تتعلّق بالأفراد ذوي الدخل المحدود، حسب معلومات صحافية. وقال وزير الصحة فراس أبيض بعد الجلسة، “موّلنا لـ4 أشهر شراء الأدوية للأمراض المزمنة عبر الـ SDR أي من حقوق السحب الخاصة”. من جهته، أشار وزير الإعلام زياد المكاري، إلى اعتراض كل من الوزارء بيرم والحاج حسن وحمية ومرتضى، على خطة التعافي المالي، وتحفظ عليها وزير التربية عباس الحلبي.
صندوق النقد والكهرباء
وبعد انتهاء الجلسة، صرح ميقاتي كاشفاً ان “رئيس الجمهورية طلب من مجلس الوزراء الحالي الاستمرار بعمله ريثما تتشكل حكومة جديدة”، شاكرًا إياه على “التعاون طيلة الفترة الماضية”. وقال: “أشكر كل الوزراء على المهام التي قاموا بها وأطالبهم بالاستمرار بعملهم وتسيير شؤون الناس”، مضيفًا :”التحية للنواب جميعاً والتمني تشكيل حكومة جديدة بأسرع وقت ممكن”.
ولفت إلى “أننا قد انتهينا للتو من إتمام الانتخابات النيابية بشفافية وحيادية والتزام في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة”، مضيفًا “أنا أنجزنا الاستحقاق الانتخابي على مرأى العالم كلّه والشكر لكل الإداريين والموظفين والعسكريين وكل من واكب هذا الاستحقاق”. وشدد على أن “نحن بحاجة الى تعاون كل الاطراف لأن التأخير كلفته عالية. فلو قمنا بالحل منذ سنتين لكانت التكلفة أقل بكثير”، مشيرًا إلى أن “أي تأخير في خطة التعافي المالي ستكون كلفته عالية على اللبنانيين”.
وأضاف ميقاتي: “تفاوضنا مع صندوق النقد الدولي ووقعنا على اتفاق مبدئي ويهمنا ضمان ودائع صغار وكبار المودعين في البنوك والهم الأساسي وقف الانهيار والحفاظ على المعطيات التي تساعد في الإنقاذ”، قائلًا: “وفق الاتفاق مع صندوق النقد الدولي فإننا نسعى إلى حماية الودائع الصغرى والكبرى والودائع حتى الـ100 ألف دولار ستكون محمية بالكامل وفق الاتفاق ونسعى خلال المفاوضات إلى رفع هذا السقف”. وقال: “لن تكون فرص الإنقاذ متوافرة من دون البنك الدولي وعلى مصرف لبنان وضع المعايير اللازمة لضمان نمو الاقتصاد”.
وفي ملف الكهرباء قال: “ملف الكهرباء هو “علة العلل” ونعمل على حل أزمة الكهرباء عبر مسارات عدة. ووصلني شخصياً عرضين لتشغيل معملي الزهراني وديرعمار على الغاز وبأسعار ممتازة وتم تكليف مكتب استشاري لدرس العرضين. لكن للأسف سحب وزير الطاقة هذا البند يوم أمس عن جدول اعمال الجلسة لمزيد من الدرس، مشيرًا إلى أنه “نعمل على تأمين الحد الأدنى من الطاقة بالتعاون مع العراق ومصر والأردن وسوريا”. وأكد ميقاتي أنه “رغم التحديات الكبيرة قبلت تحمّل المسؤولية الوطنية بشجاعة وسأواصل عملي ولكنني لن أقبل بالانتحار لأن هناك من يُبدي مصلحته الشخصية على المصلحة العامة”، لافتًا إلى “أننا نتفهمّ غضبكم ووجعكم ونعمل على تخفيفه وستبدأ مرحلة التعافي التدريجي في أسرع وقت ممكن وعملنا في الحكومة بكل ضمير حي لأننا نتطلع إلى تخفيف معاناة المواطن وعلى عكس ما قيل ما تمّ اتخاذه من خطوات هو لتمرير هذه الفترة”.
الاتصالات والانترنت
وكان عون قد اشار في مستهل الجلسة الى ان الانتخابات “تمت في ظروف مقبولة على رغم بعض الحوادث التي سجلت فيها”، ودعا وزارة الداخلية الى “نشر النتائج بالتفصيل ضمن المهل المحددة لإفساح المجال امام الراغبين في تقديم الطعون امام المجلس الدستوري”. وأشاد الرئيس عون بـ”التفاهم الذي ساد بين الوزراء وما قاموا به من عمل خلال الفترة القصيرة من عمر الحكومة”، شاكرا لرئيس الحكومة والوزراء جهودهم في هذا الاتجاه.
ولفت وزير الاتصالات جوني القرم، إلى “أنني أبشر اللبنانيين أنّ قطاع الاتصالات لن ينقطع وهذا أمر ايجابي، وأصبح بامكاني أن أكمل الارسال بل تحسينه”، معلنًا “أننا اتفقنا على مرسوم له علاقة بالخليوي، على أن ينقسّم السعر على 3 مرات، ويتم وضعه على سعر صيرفة، وسيكون هناك باقة بـ4.5 دولار على سعر صيرفة تضم 500 ميغا”. وذكر أنّه “بالنسبة إلى مرسوم الخط الثابت، اريد أن اهنئ بالقرار الكبير الذي اتخذ، خاصة في ما يتعلق بالانترنت غير الشرعي”، موضحًا أنه “بالنسبة لاوجيرو، سوف تزيد الأسعار ضرب 2.43، وسوف يكون هناك باقات لذوي الدخل المحدود، أو من لا يستخدمون الانترنت بشكل كثير”. فيما اعتبر وزير الشباب والرياضة جورج كلاس، أنّ “أغلى فاتورة اتصالات بالعالم، لأفقر ناس بالعالم”.
المدن