كتب خالد أبو شقرا في نداء الوطن:
رضي مرضى السرطان بتخفيض الدعم عن أدويتهم إلى 25 مليون دولار بالتشارك مع الامراض المزمنة، ولم يرض المسؤولون بإيجاد حل مستدام لآلية فتح الاعتمادات. وعلى الرغم من رفع الدعم مجدداً عن الكثير من أصناف أدوية الامراض المزمنة والسرطانية، وحصر الدعم بأدوية «الجنريك» الارخص ثمناً، فان الاعتمادات لم تفتح بعد والعلاجات غير متوفرة. وليس هناك حتى اللحظة ما يبشّر بحل هذه المعضلة مع تحول الحكومة إلى تصريف الأعمال بعد قليل من الأيام.
توقف آلية فتح الاعتمادات!
بعدما سارت آلية فتح اعتمادات الدواء في مصرف لبنان بطلب من وزارة الصحة بشكل تلقائي منذ ترشيد الدعم في تشرين الاول 2021، أعلن مصرف لبنان في منتصف آذار الفائت توقفه عن فتح الاعتمادات. مطالباً الحكومة آنذاك، بعقد استقراض معه لتأمين الدولار لاستيراد ما تبقى من سلع مدعومة ومن ضمنها الدواء. ومع توصية «هيئة التشريع والاستشارات» بإحالة عقد الاستقراض على مجلس النواب، وإبداء الأخير امتناعه عن الموافقة، «تعطل كل شيء»، بحسب نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة. وبعد شهر من الاخذ والرد حسم القرار باستعمال جزء من حقوق السحب الخاصة (SDR) الواقعة تحت وصاية وزارة المالية لتمويل الأمور الضرورية والملحة ومن ضمنها الدواء بقيمة 13 مليون دولار.
بغض النظر عن أن الاعتماد المفتوح للأدوية في منتصف شهر نيسان لا يكفي نصف شهر، فان «هذه الآلية أصبحت تتطلب أسبوعين على أقل تعديل بين ان يأخذ مجلس الوزراء القرار بعد توصية من الوزير المختص، وبين ان يجري تطبيقه من مصرف لبنان»، بحسب جبارة. وهناك أسئلة ما زالت معلقة إن كانت هذه الآلية التي تتطلب اتخاذ قرار بالسحب من حقوق السحب الخاصة ستستمر بعدما تتحول الحكومة إلى تصريف الأعمال في 21 أيار، أم تتوقف كلياً. وفي حال اتخذت حكومة تصريف الاعمال قراراً بفتح اعتماد من هذه «الحقوق»، هل ينفذه المركزي أم يمتنع بحجة أن الحكومة مستقيلة وهو غير معني بتطبيقه. هذه الاسئلة التي تحدد مصير وصول الادوية المدعومة من عدمه «لا جواب عليها لغاية الساعة»، يقول جبارة، والمشكلة أن الحكومة لم تستبق استقالتها الدستورية بعد الانتخابات النيابية بايجاد المخارج القانونية لتغطية احتياجات اللبنانيين من الأدوية خلال الفترة التي تكون فيها مستقيلة. ولا سيما أن هذه الفترة قد تطول حتى 4 أو 5 أشهر أو أكثر. من هنا فان المطلوب من مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة وضع الآلية القانونية لاستمرار فتح الاعتمادات في ما يتعلق بالدواء وبقية السلع التي ما زالت مدعومة جزئياً مثل البنزين، أو كلياً مثل القمح والطحين وأدوية الأمراض المزمنة.
الترشيد لم ينفع
فقدان أدوية الأمراض المزمنة المدعومة نتيجة عدم فتح الاعتمادات وتوقف الاستيراد، قابله توفر الأدوية المشابهة المرفوع عنها الدعم حديثاً بأسعار جنونية. وبحسب رئيس جمعية بربارة نصار لمرضى السرطان هاني نصار فان «العلامة التجارية (الماركة) المتوفرة مثلاً من دواء أناستروزول (Anastrozole) لعلاج مرضى سرطان الثدي هي: Arimidex التي رفع عنها الدعم، وأصبح سعر العلبة منها في السوق 1.5 مليون ليرة بعدما كان 87 ألف ليرة. في حين أن الماركة المدعومة غير متوفرة. الأمر الذي يكبد المرضى أكلافاً باهظة للحصول على هذا العلاج الذي يجب أن يستخدم بشكل متواصل لفترة تتراوح بين 5 و10 سنوات.
هذا الواقع «ضاعف شهية بعض المستشفيات على رفع أسعار جلسات العلاج من دون أي مبرر»، بحسب نصار. فـ»الجلسة التي كانت تكلف نحو 6 ملايين ليرة بغض النظر عن نوع الدواء المستعمل، ارتفعت إلى مبلغ يتراوح بين 20 و25 مليون ليرة، بحجة رفع الدعم عن أدوية السرطان. فأصبحت جلسة تلقي 200 ملغرام من علاج Gemzar تكلف 12 مليون ليرة ثمناً للدواء فقط. مع العلم أن هناك ماركات من هذا العلاج ما زالت مدعومة ومتوفرة. الامر الذي انعكس تراجعاً هائلاً في أعداد متلقي العلاجات حيث تراجع العدد في أحد أكبر المستشفيات إلى 3 مرضى فقط في اليوم الواحد. باختصار يقول نصار إنه جرى «رفع الدعم عن الادوية الموجودة وأبقي على الادوية غير الموجودة. وأقل الايمان قيام وزارة الصحة بفتح الاعتمادات لاستيراد الأدوية المدعومة وتحويل مستحقات الشركات الأجنبية للاستمرار في وصول الدواء إلى لبنان».
lebanon24