“راحت” سكرةُ الانتخابات لتحلَّ فَكرةُ المصائبِ المتراكمة التي يبدو أنها ستُلازمنا إلى حينِ ضبطِ منزلنا الداخليّ المتزعزع، وأوّلها طبعًا الدولار المتفلّت.
فمعَ انتهاء الاستحقاقِ الانتخابي عاد الدولار ليرتفع، بعد استقرارٍ نسبيّ تمّ إرساؤهُ خلال الأشهر الماضية من أجل إتمام الاستحقاق، وها هو يتخطى عتبة الـ30 ألف ليرة، مع أفقٍ واسعٍ على ما يبدو لارتفاعاتٍ إضافية لا يمكنُ التكهّنُ بمداها.
متعدّدةٌ هي الأسباب التي تعزّز هذا التفلّت للعملة الخضراء بحسب الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة، وهو أدرجها، في حديث لموقع mtv ضمن نقاط ثلاث: أولا ما يتعلُّق بالشقّ السياسي والغموض الذي يكتنفُ الاستحقاقات الدّستورية التي نحن مقبلونَ عليها، من انتخابِ رئيسٍ لمجلس النواب، إلى عمليةِ تشكيلِ الحكومة وغيابِ أيّ ضمانةٍ لجهةِ السرعة في التأليف كما يحصلُ عادةً. ثانيا، نقص الدولارات في السوق يُضاف إليه ارتفاعُ أسعار المواد الغذائية والأولية في العالم نتيجةَ التضخّم والحرب الروسية على أوكرانيا، أما ثالثا، فهو نتيجة زيادة الطلب على الدولار من قبل بعض التجار والصيارفة من أجل الاستيراد أو حتّى بهدف المضاربة.
ويشيرُ عجاقة إلى أن نقصَ الدولار في السوق وعدم القدرة الكافية على الاستيراد فيعود بشكلٍ أساس إلى أننا نستوردُ بقيمة 9 مليارات دولار، فيما نصدّرُ بـ3 مليارات دولار وهنا الأرباح لا تعود بمجملها إلى لبنان، وبالتالي المصرف المركزي لن تكون باستطاعتهِ التغطية إلى ما لا نهاية عن هذا النقص.
وفي ما يخصُّ الكلامَ عن إمكانِ وقف العمل بالتعميم 161، أوضح عجاقة أنه كان أوّلَ من تحدّث عن هذا الإحتمال باعتبارِ أن معلوماته تشير إلى ان صندوقَ النقد طلبَ من الفريق المفاوض في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، عدا عن الإصلاحات، عدمَ ضخّ الدولارات في الاسواق، وترك الدولار يأخذ مداه، مشيرا إلى أن المطلوب اليوم من أجل الاتفاق مع صندوق النقد، تحقيق الإصلاحات المطلوبة وإقرار قانون الكابيتال كونترول، كما والاهم هو ضبطُ الحدود، لأن التهريبَ المستمرّ عبر حدودنا المشرّعة لا يخدمُ البتّة المسارَ المطلوب لإنقاذ اقتصادنا.