نسمع كل فترة بحالات موت مفاجئة لدى أشخاص ينتمون إلى فئة الشباب، وخصوصاً الرياضيين منهم. بعض هذه الحالات لم يسبقها إنذار، فيما البعض الآخر سبقها، لكن لم يتم الأخذ بها على محمل الجد. بعد فقدان الشاب حسين علي العشي، منذ أيام قليلة، أحد تلامذة الليسيه الفرنسية في بيروت عن عمر يناهز الـ17 عاماً، إثر نوبة قلبية ألّمت به، وهو على مسافة يومين من تخرجه، أخذ قسم الصحة على عاتقه إجراء مقابلات ومواضيع توعوية حول الموضوع؛ لتجنّب المزيد من الخسائر بين الفئات العمرية الشابة، فحاور الاختصاصي في أمراض القلب والشرايين والضغط الدكتور مالك محمد حول الموضوع.
1- ما هي الأمراض أو الحالات المرضية التي يمكن أن تؤدي إلى نوبة قلبية مفاجئة لدى فئة الشباب؟ هناك عدة أمراض قد تؤدي إلى نوبة قلبية مفاجئة لدى فئة الشباب دون الـ35 عاماً، وأهمها التضخم الخَلقي في عضلة القلب، وهو مرض وراثي قد يؤدي إلى موت مفاجئ بين الفئات العمرية من 12-35 عاماً والمصابة بهP، وهذا المرض هو السبب الأبرز للوفاة. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الوفاة بنوبة قلبية لدى الأطفال أو الشباب هي أمر نادر الحدوث، ولا تزيد على 2-3 بالمئة ألف من السكان. هناك أسباب أخرى، ومنها أمراض الشرايين، والتي نجدها لدى الشباب الذين يعانون من ارتفاع دهنيات الدم، واضطرابات كهربية القلب مثل Wolff Parkinson syndrome، و Long QT syndrome و Ventricular cardiac وغيرها.
2- ما الفحوص المطلوبة التي تكشف هذه الأمراض؟ وما مدى دقتها؟ الفحوص المطلوبة هي فحوص الكشف أو tests screening كما نطلق عليها في اللغة الطبية، وتعتمد على أكثر من جزء. أول جزء وأهمه هو البحث في تاريخ المريض أو سيرته الذاتية حيث نطلع على تاريخ العائلة الطبي، الأعراض والفحص السريري. وتوجه أربعة أسئلة مهمة إليه، وهي: – هل تعرّض الشخص لأي غيبوبة في حياته؟ – هل تعرّض لنوبة كهرباء (هزة حيط) Ceizure or epilepsy؟ – هل عانى أو يعاني من ضيق في النفس أو ألم في الصدر؟ – هل يوجد أحد في العائلة يعاني من مرض القلب، أو تعرّض لموت مفاجئ دون سن الخمسين؟ ثاني جزء هو إجراء تخطيط كهربائي للقلب ECG، وهذا التخطيط يجب أن تتم قراءته من قبل طبيب قلب متخصص. ثالث جزء هو إجراء صورة صوتية للقلب echocardiography في حال الشك بوجود مشكلة ما في التخطيط أو سماع شيء في الفحص مثل صفرة في الصدر خلال الفحص السريري؛ وهذه الصورة تقدم فكرة كافية عن صمامات القلب، عضلة القلب وعملها والغشاء. وآخر جزء هو اللجوء إلى إجراء صورة رنين مغناطيسي MRI خاصة بالقلب، لبعض الأشخاص الذين لم تعطينا صورة القلب فكرة كاملة، أو لتأكيد وجود مرض معين في القلب. وهذه الصورة نطلبها عادة لصغار السن الذين لديهم تاريخ عائلي قوي مع التضخم الخلقي في القلب Hypertrophic cardiomyopathy، وهو ما أشرنا إلى أنه يسبب الموت المفاجئ لدى فئة الشباب، حيث لا يمكن رصده طبياً لدى الأطفال الصغار إلا بعد تخطيهم سن الـ13-14 عاماً، أو إذا سبق وخضعوا لصورة MRI للقلب.
3- هل من أعراض يجب أن تؤخذ على محمل الجد؟
إذا كان الشخص يشكو من أعراض عدم انتظام ضربات القلب الذي له صلة بكهربية القلب فقد لا يمكن الكشف عنها من خلال تخطيط القلب الاعتيادي، فيتم اللجوء إلى تخطيط كهربية القلب Electrocardiogram (ECG)، خلال فترة مراقبة قد تستمر من 24 ساعة إلى 4 أيام، يتم الكشف من خلالها عن أي خلل في نظم كهربية القلب. عندما تكون الأعراض عبارة عن ضيق نفس، أو ألم صدر، أو تعب أو شبه غيبوبة نلجأ إلى عدة فحوص، فنبدأ بالفحص السريري من خلال سماعة الطبيب للكشف عن صفير معين أثناء أداء المريض لتمرين القرفصاء؛ حيث يزداد الصفير في هذه الحالة لدى الذين يعانون من مشكلة في تضخم عضلة القلب أو التضخم الخلقي في عضلة القلب. ثمَّ وفي حال وجود عامل وراثي مع النوبات القلبية، نلجأ إلى فحص الجهد Stress test مع صورة صوتية للقلب، فنكوّن فكرة إذا كان هذا المريض يحتاج إلى فحوص أخرى أكثر دقة مثل Scintigraphy أو قسطرة لشرايين القلب.
3-
هل من أعراض يجب أن تؤخذ على محمل الجد؟
إذا كان الشخص يشكو من أعراض عدم انتظام ضربات القلب الذي له صلة بكهربية القلب فقد لا يمكن الكشف عنها من خلال تخطيط القلب الاعتيادي، فيتم اللجوء إلى تخطيط كهربية القلب Electrocardiogram (ECG)، خلال فترة مراقبة قد تستمر من 24 ساعة إلى 4 أيام، يتم الكشف من خلالها عن أي خلل في نظم كهربية القلب. عندما تكون الأعراض عبارة عن ضيق نفس، أو ألم صدر، أو تعب أو شبه غيبوبة نلجأ إلى عدة فحوص، فنبدأ بالفحص السريري من خلال سماعة الطبيب للكشف عن صفير معين أثناء أداء المريض لتمرين القرفصاء؛ حيث يزداد الصفير في هذه الحالة لدى الذين يعانون من مشكلة في تضخم عضلة القلب أو التضخم الخلقي في عضلة القلب. ثمَّ وفي حال وجود عامل وراثي مع النوبات القلبية، نلجأ إلى فحص الجهد Stress test مع صورة صوتية للقلب، فنكوّن فكرة إذا كان هذا المريض يحتاج إلى فحوص أخرى أكثر دقة مثل Scintigraphy أو قسطرة لشرايين القلب.
4- نشطت منذ ما يقرب أربع سنوات؛ حملات التوعية حول ضرورة إجراء تخطيط كهربية القلب قبل أن يقوم أي شاب/ة بإجراء تمارين رياضية مكثفة؛ لتجنّب نوبات القلب المفاجئة، في حال وجود مشكلة ما في نظم القلب أو غير ذلك. ومع الأسف توقفت هذه الحملات، وفقد لبنان العديد من الشبان بسبب ذلك. ما هو تعليقكم على الأمر؟ وما مدى أهمية تثقيف طلاب المدارس حول “عملية الإنعاش” إثر التعرّض لنوبة قلبية من أجل إنقاذ المريض؟ حملات التوعية مهمة للغاية لإجراء تخطيط قلب وفحوص للقلب، وقد كنت في تلك الفترة رئيس جمعية القلب اللبنانية، حيث كنا نحث المجتمع الطبي والعاملين فيه على إجراء حملات توعية جماعية في القرى والمدن والمدارس، وهو ما يسمى Mass screening؛ من أجل إجراء تخطيط كهربية القلب لرصد مدى انتظام نظم القلب ولتشخيص حالات مرضية “نائمة” خصوصاً عند الفئة العمرية الشابة، لكن مع الأسف توقفت الحملات بسبب الوضع السائد حالياً في لبنان. من هنا أنوه أيضاً بدور الإعلام الكبير في نشر التوعية حول هذا الموضوع؛ لكي يسمع ويقرأ كل فرد ويعرف ما يجب فعله لحماية الشباب من توقف القلب المفاجئ. أما بالنسبة للتثقيف حول سبل إنعاش المريض، فهو أمر بالغ الأهمية برأيي؛ لأنَّ هذا التثقيف موجود في الدول المتطورة، ويبدأ عادة في الصفوف الابتدائية، ومن خلاله يتعلم الأطفال والأكبر سناً كيفية إنعاش شخص غاب عن الوعي أو أُصيب بنوبة قلبية أمامهم إلى أن تصل سيارة الإسعاف وتنقله إلى المستشفى.
5- هل تنصحون الجميع بدءاً من عمر 12-35 عاماً بإجراء تخطيط كهربية القلب؟ علماً أن جمعية القلب الأمريكية لا توصي به؛ لتقييم حالة البالغين الذين لا يشعرون بأي أعراض وتكون معدلات الخطر لديهم منخفضة. بالفعل معظم الجمعيات العلمية التي تُعنى بأمراض القلب لا توصي بأن يتم إجراء فحوص التحري لجميع الأشخاص بين 12-35 عاماً، إذا كانوا لا يشكون من أي أعراض، أو إذا كانوا لا يريدون المشاركة في رياضات التحديات أي أولئك الذين يهدفون إلى احتراف الرياضة. أما في حال كان الشخص يعاني من أعراض معينة أو يريد احتراف الرياضة، أو إذا كانت لديه سوابق عائلية مع أمراض القلب أو الموت المفاجئ دون سن الخمسين، فقد يكون من الضرورة خضوعه إلى الفحوص التي سبق الإشارة إليها، (فحص سريري، تخطيط قلب، صورة صوتية للقلب وصولاً إلى الرنين المغناطيسي إذا لزم الأمر). وعند ثبوت الإصابة بمرض معين في القلب ينصح الطبيب بعدم القيام بالتمارين الرياضية المُجهدة، إنما الاكتفاء بالتمارين المعتدلة ولمدى الحياة، مثل المشي لمدة 20 دقيقة في اليوم لمدة 5 أيام في الأسبوع، وهو ما يقلل من نسبة حدوث الموت المفاجئ.