في نهاية يوم الجمعة 22 نيسان الماضي، كان سعر صرف السوق الموازية قد سجّل أعلى مستوياته منذ أشهر، ببلوغه حدود 28,300 ليرة مقابل الدولار. وهذا ما أثار مخاوف المتابعين من استمرار سعر الصرف بالارتفاع إلى مستويات تتجاوز 30 ألف ليرة مقابل الدولار، كما كان الحال قبل بدء عمليّة ضخ الدولار في السوق من قبل مصرف لبنان. علماً أن هذه التطوّرات، أي ارتفاع سعر الصرف قبل نحو أسبوع، كانت قد ترافقت مع الضمور الذي طال عمل منصّة مصرف لبنان للتداول بالعملات الأجنبيّة، ما ظهر بوضوح في أرقام حركتها الأسبوعيّة، وهو ما فاقم من الطلب على دولار السوق الموازية.
تحسن بسيط
لكن منذ بداية الأسبوع الفائت، شهد سعر الصرف في السوق الموازية انخفاضات يوميّة متتالية، ليتراجع من مستواه المرتفع المذكور إلى نحو 26,250 ليرة للدولار في نهاية الأسبوع، أي ما يقل بنحو 2,050 ليرة عن سعر الصرف الذي سُجل في 22 نيسان الماضي (قبل ثمانية أيّام). أمّا الفرق بين سعر صرف السوق الموازية وسعر المنصّة، فتقلّص نسبيًّا ليقارب 3650 ليرة، بعد أن لامس 5300 ليرة في 22 نيسان الماضي. وهذا ما دلّ على تحسّن بسيط في قدرة المنصّة على التأثير في سعر صرف السوق الموازية، بعد انفلات السعر فيها كليًّا في الفترة السابقة.
لا يحتاج المرء إلى كثير من التحليل لفهم سبب التحسّن النسبي في سعر صرف السوق الموازية خلال الأسبوع الماضي. فقراءة أرقام حركة منصّة مصرف لبنان للتداول بالعملات الأجنبيّة تُظهر أن المنصّة تمكّنت من زيادة حركتها الإجماليّة خلال الأسبوع الماضي إلى نحو 288 مليون دولار، بعد أن اقتصرت على أقل من 208 مليون دولار خلال أسابيع سابقة. أي كان التنشيط النسبي لعمل المنصّة أبرز أسباب التحسّن المحدود في سعر صرف السوق الموازية، وتقلّص الفرق بين سعر صرف السوق الموازية وسعر المنصّة، بعد أن زادت المنصّة من نسبة الطلب على الدولار التي تقوم بتلبيتها. مع الإشارة إلى أن مصادر الدولارات التي تقوم المنصّة ببيعها تتنوّع ما بين دولارات شركات تحويل الأموال الواردة، والدولارات الطازجة في المصارف التي يقوم أصحابها ببيعها من خلال المنصّة، إضافة إلى ما يقوم مصرف لبنان بضخّه من احتياطاته بالعملات الأجنبيّة.
بعيدة عن لعب دورها المطلوب
وبمعزل عن هذا التحسّن الطفيف والنسبي في عمل المنصّة وسعر صرف السوق الموازية، مازالت المنصّة بعيدة جدًّا عن لعب الدور الذي ينبغي أن تلعبه، والذي يتمثّل في العمل كوسيط أساسي في عمليات سوق القطع، وبيع وشراء الدولار في السوق، بما يسمح لها بتحديد سعر الصرف الحر والفعلي وفقًا لآليّات العرض والطلب. باختصار، وبمجرّد وجود التباين الشاسع بين سعر السوق الموازية وسعر المنصّة، فذلك يعني أن المنصّة غير قادرة على التحكّم في سعر السوق الحر أو تحديده، بل وغير قادرة على تكوين هذا السعر من خلال آليات تبادل العملة الصعبة. وبوجود هذا التباين، ستظل المنصّة مجرّد آليّة لبيع الدولار بسعر مدعوم نسبيًّا يحدده مصرف لبنان، فيما ستظل السوق الموازية– بسعرها المرتفع- مقصد من يريد بيع الدولار الطازج. أمّا توحيد سعر الصرف من خلال المنصّة، فسيكون صعب في ظل وجود هذا التباين.
في خلاصة الأمر، لا يبدو أن ثمّة تغيّر كبير سيطرأ على عمل المنصّة خلال الأسبوعين المقبلين، بانتظار تمرير الانتخابات النيابيّة على ضوء سعر صرف مضبوط نسبيًّا. أما بعد الانتخابات، فسيكون اللبنانيون أمام سيناريوهات عدّة، من بينها إطلاق العنان لتفلّت أكبر في سعر الصرف، في ظل الاستنزاف الذي شهدته احتياطات مصرف لبنان، والذي قلّص قدرة المصرف المركزي على التدخّل في سوق القطع.
المصدر علي نور الدين – المدن