يبدو أن تيار المستقبل يتجه نحو تثبيت الرئيس فؤاد السنيورة على اللائحة السوداء، بعد إصراره على خوض الانتخابات النيابية المقبلة عبر دعمه لوائح عدة في بيروت والمناطق، في محاولة يراها ناشطون زرق أنها تأتي في سياق “محاولة وراثة الحالة الحريرية وإستمالة فلول التيار” الذين فضلوا الترشح للانتخابات بدلا من الالتزام بقرار الرئيس سعد الحريري.
لا شك في أن قرار إعتكاف الحريري قد زعزع تيار المستقبل الذي بات يواجه تصدعات ليست في مصلحته، خصوصا أن الحريري لم يقم بأي خطوة تؤدي الى التماسك الداخلي، بل خلق حالة إرباك في صفوف التيار بفعل التخبط بين الاعتكاف والمقاطعة وعدم الترشح والاستقالة والغضب على المستقيلين، ما جعل كل جناح من الأجنحة الزرقاء يفتش عن مصلحته بمعزل عن قرار الحريري، ما ترك ثغرات كثيرة في بنية التيار وإلتزامه الحزبي.
وعلى قاعدة أن “المال الداشر بـ يعلم الناس الحرام”، فإن الرئيس السنيورة الشغوف بالحسابات، وجد أن الفرصة مؤاتية لطرح نفسه بديلا عن الحريري ولو بشكل مرحلي الى حين عودته لممارسة السياسية، وفي حال عدم العودة فإنه يصبح الممثل الشرعي للحالة الحريرية التي يسعى السنيورة حاليا الى إستقطابها وإغرائها بشعارات 14 آذار، بما يُضعف تيار المستقبل بشكل تلقائي نتيجة عدم قدرته على طرح أي مشروع سياسي.
واللافت، أن الرئيس السنيورة قد “أخذه الحال” وأطلق العنان لتصريحات من مراكز ذات حساسية سنية، تسيء عن قصد أو عن غير قصد للرئيس الحريري، سواء بتحميله مسؤولية تسليم الساحة السنية الى الخصوم، أو بإظهاره بأن لا حول ولا قوة له الى درجة أنه لم يعد لديه كلمة أو موّنة على قيادات تياره التي إنقسمت وتشظت بين رافض ومتمرد ومستقيل وملتزم.
لم يعد خافيا على أحد أن الرئيس السنيورة حاول منذ إعتكاف الحريري وأكثر من مرة تقديم أوراق إعتماده دوليا وإقليميا لوراثته، لكن يبدو أنه لم يحصل على ضوء أخضر واضح، ربما بإنتظار الانتخابات وما يمكن أن يحقق فيها من نتائج عبر اللوائح التي يدعمها وبشكل علني، الأمر الذي تنبه له تيار المستقبل فسارع الى شن حملة مضادة ضد السنيورة سواء عبر الأمين العام أحمد الحريري الذي وجه رسالة قاسية له، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي يؤكد ناشطون على صفحاتها أن “السنيورة بدأ بشن حرب إلغاء ضد الحريري”.
هذه الحملة قد تتفاعل وتتحول الى مواجهات بين أبناء البيت والنهج الواحد، خصوصا أن ثمة غليان في صفوف أنصار تيار المستقبل من السلوك المستجد للسنيورة في السطو بداية على شعارات تيار المستقبل، ومخالفة قرارات الرئيس الحريري وإستهدافه، ومحاولته الاستفادة من عودة الاهتمام السعودي بلبنان عبر زيارات متتالية الى السفير وليد البخاري، وللايحاء بأنه رجل المملكة فيه، إضافة الى تحالفه الواضح مع القوات اللبنانية المتهمة بطعن الحريري، فضلا عن القيام بكل ما من شأنه أن يستفز تيار المستقبل ورئيسه خصوصا لجهة منطق الزعامة البديلة الذي بدأ يعتمده في كل تصريحاته.
يتوقع مراقبون أن الفترة المتبقية للانتخابات ستشهد مواجهات ضارية بين السنيورة والمستقبل، خصوصا أنه بات متهما بغدر الرئيس الحريري الذي يستبعد مقربون منه أن يتدخل في هذا الموضوع أو أن يدعو مجددا الى المقاطعة، خصوصا أن تعليماته تنفذ بحذافيرها عبر إبن عمته أحمد الحريري الذي لم يسلم من سهام الدائرة المحيطة بالسنيورة والتي تتهمه أيضا بتجاوز قرار الاعتكاف ودعم مرشحين على لوائح عدة في دوائر مختلفة لتصفية بعض الحسابات وتحقيق الكثير من المكاسب، متسائلة هل يحق لأحمد ما لا يحق لفؤاد؟!..