فرضت السلطات النقدية والمصرفية في مصر قيوداً جديداً على الدولار الأمريكي دون أن تعلن ذلك، حيث فوجئ المتعاملون بهذه القيود في الأسابيع الأخيرة، وهو ما يُنذر بـ”أزمة صامتة” في تدفقات العُملة الصعبة بالبلاد، ما قد يؤدي في أية لحظة الى انهيار جديد في سعر صرف الجنيه المصري.
وأكدت مصادر مصرفية متطابقة في مصر في أحاديث منفصلة لــ”عربي21″ وجود قيود جديدة على صرف الدولار الأمريكي بأوامر من البنك المركزي نتيجة شح المتوفر منه في السوق، بالتزامن مع تراجع الاحتياطيات النقدية، وبالتزامن مع زيادة الحاجة عليه نتيجة ارتفاع أسعار السلع المستوردة من الخارج.
ولم يستبعد مصدر تحدث لــ”عربي21″ وطلب عدم نشر اسمه ولا مكان عمله أن تؤدي الأزمة الراهنة الى انهيار جديد قريباً في سعر صرف الجنيه المصري، خاصة أن البنوك بدأت تدريجياً تقيد عملية سحب الدولار وتضع قيوداً أكثر من السابق عليه، وأضاف: “مصر تسير على نفس مسار لبنان”، ولم يستبعد أن توقف البنوك قريباً صرف الدولار للمتعاملين بشكل كامل.
وشرح مصدر مصرفي القيود الجديدة المفروضة على حركة “العُملة الصعبة” في مصر، مشيراً الى أن “البنوك أصبحت منذ أسابيع تشترط على من يرغب أن يسحب دولاراً أمريكياً أن يقدم طلباً مكتوباً يتضمن إيضاحاً لسبب السحب، ولا توافق على تصريف الدولار لأي متعامل إلا إذا كان مسافراً، كما تشترط البنوك عليه إبراز التصريح الأمني الخاص بالسفر للتأكد من جدية سفره ووجهته وبعد ذلك يتم صرف مبلغ لا يزيد على الألف دولار له”.
وبحسب المصدر فان التجار من المستوردين أيضاً يواجهون صعوبة في الحصول على الدولار منذ أسابيع، حيث تطلب منهم البنوك بيان السلع التي يرغبون باستيرادها قبل الموافقة على فتح الاعتمادات البنكية أو الموافقة على تحويل عملة صعبة الى الخارج
وقال مصدر مصرفي إن ثمة “أزمة صامتة” في مصر قد تطيح بالجنيه في أية لحظة وقد تؤدي الى امتناع البنوك عن تسييل الحسابات بالعملة الأجنبية أو تحويل الجنيه الى دولار أمريكي أو يورو أوروبي أو أية عملة أجنبية أخرى، وهو ما سيعني أن الاقتصاد برمته قد يواجه هزة كبرى قريباً.
ولم تعلن الحكومة المصرية ولا البنك المركزي رسمياً حتى الآن إصدار أي تعليمات جديدة تتعلق بسحب الدولار الأمريكي من البنوك، كما لم تُبلغ البنوك التجارية عملاءها في مصر بشكل رسمي أنها تُقيد سحب العملات الأجنبية، كما أن أغلب البنوك تُجبر أصحاب الحسابات الدولارية على أخذ جنيه مصري عند السحب من الحساب ولو كان الحساب بالعملة الأجنبية.
وكان الجنيه المصري قد هوى بأكثر من 15% بصورة مفاجئة صباح يوم الاثنين 21 آذار/ مارس الماضي، حيث وصل سعر الدولار الأمريكي الى أكثر من 18 جنيهاً، فيما يسود الاعتقاد بأن العملة المصرية في طريقها الى موجة ثانية من الهبوط خلال الأسابيع أو الشهور المقبلة.