يقوم مصرف لبنان عادةً باحصاء دوري لاحتياطاته من الذهب، لكن منذ اواخر تسعينيات القرن الماضي لم يَقُم المركزي بهذا لاحصاء علمًا أنَّه كان قد بدأ منذ عام ونصف بمحاولة للاحصاء بيدو أنَّها لم تكتمل.
وقد صرح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان قيمة احتياطي الذهب لدى مصرف لبنان بلغت ١٧،٥ مليار دولار حتى نهاية شباط الماضي مشيراً الى ان لبنان رغم الازمة الاقتصادية التي يمر بها حافظ على موقعه كصاحب ثاني اكبر احتياطي من الذهب في المنطقة بعد المملكة العربية السعودية بثروة تقدر بحوالي ٢٨٦ طناً.
وتجدر الاشارة إلى ان ثلث كمية الذهب التي يمتلكها لبنان موجودة في الولايات المتحدة الاميركية، واليوم يحصي مصرف لبنان احتياطياته من الذهب لأول مرة منذ ثلاثة عقود على الأقل.
لماذا يقوم المركزي بهذه العملية الآن؟ وكيف يمكن لإحتياطي الذهب المساهمة في خروج لبنان من أزمته؟
من جهة اخرى ما هي انعكاسات الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي على الاقتصاد اللبناني وهل ستستطيع الدولة اللبنانية تتفيذ ما يطلبه الصندوق وفي حال لم تتمكن ما هي التداعيات؟
صوت بيروت انترناشونال توجه بهذه الأسئلة الى كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس نسيب غبريل الذي قال: “الاتفاق الذي وقعته السلطات اللبنانية مع صندوق النقد الدولي يشمل ثماني اجراءات مسبقة احدهم التدقيق بموجودات مصرف لبنان الخارجية التي تتضمن الاحتياطي بالعملات الاجنبية التي بلغت في اواخر اذار الماضي ١١ مليار و٦٠٠ مليون دولار واحتياطي الذهب الذي بلغت قيمته ١٧ مليار و٨٠٠ مليون دولار”.
واذ اوضح غبريل ان شراء الذهب و تخزينه باعتباره عامل ثقة او لاستخدامه وقت الحاجة اشار اننا في أزمة عميقة بدأت عام ٢٠١٩ وحتى الان ليس هناك أي اجراء قامت به الدولة.
وفي حين لفت الى ظهور السوق الموازي لسعر صرف الدولار في اوائل ايلول ٢٠١٩ لاول مرة منذ ٢٧ سنة وذلك بسبب شح السيولة بالعملات الاجنبية من جراء التراجع الحاد لتدفق رؤوس الاموال رأى انه كان من المفروض في اوائل ٢٠٢٠ استخدام الذهب لضخ سيولة في الاقتصاد اللبناني عبر رهن جزء منه وليس تسييله مقابل ٤ مليارات دولار تُضخ من خلال المصارف التجارية بالقطاع الخاص في لبنان لدعمه واستمراريته وضخ سيولة في السوق من اجل لجم تدهور سعر صرف الليرة في السوق الموازي، مؤكداً ان المركزي لا يمكنه التصرف منفرداً في استخدام الذهب الذي يستوجب طلب من الحكومة السابقة التي لم تتمكن من طلب هذا الامر حيث كانت اولوياتها موضوع التعثر عن تسديد سندات اليوروبوند ومواجهة المصارف اضافةً الى الوضع السياسي المتشنج و الثقة المعدومة من قبل الناس بالطبقة السياسية والحكومة ومجلس النواب الذي لم يكن ليتمكن من التصويت على هكذا اقتراح في ظل هذا الغضب الشعبي.
وإذ رأى انه قد يكون الحل في استخدام الذهب الذي ندفع تكاليف تخزينه في الولايات المتحدة الاميركية رأى اننا لا يمكننا استخدام هذا الذهب اليوم لانه لا يفي كأحد الاجراءات بالغرض ولن يؤدي الى انتشال لبنان من أزمته مشدداً على ضرورة تطبيق الاصلاحات المسبقة التي طلبها صندوق النقد الدولي قبل كل شيء، خصوصاً بعد الاتفاق المبدئي معه.
ولفت إلى انه بعد الاتفاق النهائي والبدء بتحرير الاموال المرصودة للبنان اي ٣ مليارات دولارت تدريجياً على مدى اربع سنوات عندها تبدأ الدولة اللبنانية بالاصلاحات البنيوية سيما في الكهرباء والمؤسسات التجارية التي تملكها الدولة كقطاع الاتصالات و تطبيق الحوكمة والادارة الرشيدة في القطاع العام وترشيده وتصحيح الاختلالات بالمالية العامة واجراءات دعم النمو اي تحسين المناخ الاستثماري وبيئة الاعمال الى حين اعادة بدء تكوين احتياطي مصرف لبنان بالعملات الاجنبية، معتبراً انه عند تطبيق هذه الامور من الممكن استخدام الذهب عند الحاجة مشيراً الى بيان لصندوق النقد يعلن فيه انه ليس مع استخدام اصول الدولة والذهب جزء من هذه الاصول.
وفي موضوع الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي، رأى غبريل انه فرصة للبنان والاقتصاد اللبناني ان يخرج من الأزمة المتفاقمة مشيراً ان التوقيع النهائي من قبل المجلس التنفيذي للصندوق لهذا الاتفاق بعد تطبيق الاجراءات المسبقة يُعطي مصداقية للبرنامج الاصلاحي وانضباط في تطببقه ويفتح الباب ان يبدأ الصندوق تدريجياً باعطاء الاموال المرصودة للبنان وكذلك يفتح الباب امام مصادر اخرى متعددة للتمويل من مؤسسات دولية مالية و صناديق تنمية وبلدان صديقة وغيرها من مصادر للتمويل.
ولفت الى ان الاتقاق يتضمن ثماني اجراءات مسبقة يجب ان تطبقها السلطات اللبنانية قبل الموافقة النهائية من الصندوق لافتاً ان سبعة من هذه الاجراءات تستهدف القطاع المصرفي والمالي في لبنان من ناحية موافقة الحكومة على استراتيجية لاعادة هيكلة القطاع المصرفي و تعديل قانون السرية المصرفية و التدقيق في اكبر ١٤ مصرف في لبنان و تقييم موجودات مصرف لبنان الخارجية واعادة هيكلة الدين العام.
كما لفت إلى انه لم يكن ضمن هذه الاجراءات المسبقة اي اجراء له علاقة باصلاح قطاع الكهرباء بالرغم من انه مصدر اساسي للأزمة اذ هناك هدر يبلغ ٢٤ مليار و٥٠٠ مليون دولار منذ عام ١٩٩٣ ومنهم ١٦ مليار دولار منذ عام ٢٠١٠ هذا ومع انقطاع شبه كامل للتيار الكهربائي اضافةً الى الفوائد التي تبلغ ٢٥ مليار دولار وبهذا تبلغ قيمة الهدر ٥٠ مليار دولار اي نصف الدين العام.
واوضح غبريل ان عدة اجراءات تتطلب اقرارها في مجلس النواب مثل قانون اعادة هيكلة القطاع المصرفي و تعديل قانون السرية المصرفية وقانون الموازنة و قانون الكابيتال كونترول، متمنياً ان نُبعد المزايدات والشعبوية عن مجلس النواب الذي له دور اساسي في تنفيذ الاجراءات لان هذا الأمر فرصة يجب ان يتلقفها المسؤولون اللبنانيون مبدياً اسفه لااعتراضات والمزايدات والشعبوية والانتقادات العبثية التي شهدناها بعد اسبوع من توقيع الاتفاق المبدئي مع الصندوق.
واستغرب انتقاد قانون الكابيتال الكونترول من قبل البعض الذين حذروا انه سيغير هوية الاقتصاد مشيراً انه في الستينات طُبق هذا القانون في لبنان ولم يهدد في حينها هوية الاقتصاد اللبناني المبني على الاقتصاد الحر.
وأمل غبريل ان يعي الجميع لاهمية المرحلة و التركيز على الفرصة الموجودة وان لا يماطل المسؤولون اللبنانيون في تنفيذ الاجراءات بالرغم من عدم تحديد مهلة زمنية من قبل الصندوق الذي لم يطلب تطبيقها قبل الانتخابات النيابية لكن من المستحسن ان تبدأ هذه العملية و ان تضع السلطات اللبنانية جدولاً زمنياً واولويات مشيراً ان هناك اجراءات سهلة وجاهزة كقانون الكابيتال كونترول الموجود في ادراج مجلس النواب فضلاً عن قانون تعديل السرية المصرفية واقرار الموازنة.
كما لفت إلى ان هناك إجراءات تتطلب وقتاً كاستراتيجية اعادة هيكلة القطاع المصرفي وتوحيد سعر الصرف اذ انهما بحاجة لتأني ودقة.
ورأى ان الاجراءات الثمانية المسبقة ممكن ان تنجز خلال خمسة اشهر واذا استعطنا انجاز هذه الاجراءات اواخر هذا العام فهذا مؤشر ايجابي جداً، معتبراً ان هذا الامر فرصة للسطة والحكومة اللبنانية و مجلس النواب والاحزاب ان يبرهنوا بانهم جديين بالعمل لاخراج الاقتصاد اللبناني من الازمة الحالية، خصوصاً وان هناك دعم و تفهم دولي لوضع للبنان وهذه الفرصة تفتح الباب لامكانيات جديدة ولاستثمارات بالرغم من كل ما يقال من انتقادات لها اهداف خفية حول هذا الاتفاق الذي هو امتحان للسلطات اللبنانية ليبرهنوا للمواطن اللبناني والقطاع الخاص وللاغتراب وللمجتمع الدولي انه جديين بانقاذ لبنان واقتصاده والا سنضيع هذه الفرصة مشدداً على ضرورة توفر الارادة لذلك.
واستغرب تبرئة الدولة من اي مسؤولية للازمة في موضوع توزيع الخسائر لان الذي اوصلنا الى هذه الازمة هو سوء استخدام السلطة و سوء ادارة القطاع العام وعدم المحاسبة وبالتالي يجب ان تكون الدولة هي اكثر جهة تتحمل توزيع جزء من هذه الخسائر مؤشر ايجابي جداً، معتبراً ان هذا الامر فرصة للسطة والحكومة اللبنانية و مجلس النواب والاحزاب ان يبرهنوا بانهم جديين بالعمل لاخراج الاقتصاد اللبناني من الازمة الحالية خصوصاً وان هناك دعم و تفهم دولي لوضع للبنان وهذه الفرصة تفتح الباب لامكانيات جديدة ولاستثمارات بالرغم من كل ما يقال من انتقادات لها اهداف خفية حول هذا الاتفاق الذي هو امتحان للسلطات اللبنانية ليبرهنوا للمواطن اللبناني و القطاع الخاص وللاغتراب وللمجتمع الدولي انه جديين بانقاذ لبنان واقتصاده والا سنضيع هذه الفرصة.
ورأى انه لا يمكن القول بان السلطة لن تتمكن من تنفيذ ما يطلبه صندوق النقد اذا توفرت الارادة السياسية لإخراج لبنان من ازمته و اراحة المواطن اللبناني والا سيكون البديل هو العبثية و استمرار الحلقة المفرغة التي يمر بها الاقتصاد اللبناني متأملاً ان ينبثق مع الانتخابات النيابية المرتقبة سلطة جديدة يكون لديها الارادة لتطبيق الاصلاحات التي من شأنها اخراج لبنان من الأزمة.
واستغرب تبرئة الدولة من اي مسؤولية للازمة في موضوع توزيع الخسائر لان الذي اوصلنا الى هذه الازمة هو سوء استخدام السلطة و سوء ادارة القطاع العام وعدم المحاسبة وبالتالي يجب ان تكون الدولة هي اكثر جهة تتحمل توزيع جزء من هذه الخسائر.