الانقسامات السياسية في لبنان لا حدود لها، ولا كوابح، ولا تمييز، بين ما هو مقدس وما هو دنيوي، فحتى احتفالات الكنائس المسيحية الملتزمة بالتقويم الغربي بيوم الجمعة العظيمة، لم تقو على جمع الرئيس ميشال عون ود.سمير جعجع تحت سقف واحد، فالرئيس ميشال عون وفريقه «التيار الحر» اختاروا الاحتفال بهذا اليوم في جامعة «الروح القدس» بالكسليك، فيما اختار القواتيون المقر البطريركي في بكركي.
السفير البابوي جوزيف سبيتاري ألقى العظة في جامعة «الروح القدس»، بحضور الرئيس عون والنائب جبران باسيل، مشددا على ضرورة تغيير العقلية للخروج من المنطق الأناني، معتبرا ذلك «من مسؤوليتنا» ومسؤولية الذين يتولون مناصب رسمية في الكنيسة والمجتمع.
أما في بكركي وبحضور النواب والمرشحين القواتيين وحلفائهم، فقال البطريرك بشارة الراعي إن الظرف الذي نعيشه في لبنان يجب أن تخرج منه ولادة جديدة، مكررا قول السيد المسيح: «الغفران ذروة المحبة أمام الظالمين».
راعي ابرشية بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر قال في عظة بالمناسبة عينها، متوجها إلى المسؤولين السياسيين والمدنيين والعسكريين، قائلا لهم: لا تغسلوا أيديكم من دماء الضحايا والجرحى، كما فعل بيلاطس بدم المسيح.
وفي إشارة إلى تفجير مرفأ بيروت وما ترتب عليه من ضحايا ودمار، أضاف: لا تعود الحياة إلى شوارع بيروت بفتح أبواب المطاعم والمقاهي، ولا بهدم ما يذكر بانفجار الرابع من (اغسطس)، ان بيروت لن تعود مدينة الإنسان، قبل معرفة الحقيقة، قبل محاسبة المسؤولين عما حصل.
ويبدو أن مسألة هدم بقايا اهراءات القمح في مرفأ بيروت مرشحة لأن تصبح الشرارة التي قد تقود إلى الإطاحة بالانتخابات النيابية في آخر لحظة.
فهذه الإهراءات التي شيدت عام 1969، اتخذ مجلس الوزراء قرارا بهدمها تحت داعي الخشية من انهيارها ذاتيا نتيجة التصدع الذي ألم بها، بتوصية من وزير العدل هنري خوري المحسوب على الفريق الرئاسي، متذرعا بتقرير هندسي لمؤسسة «خطيب وعلمي»، علما أن تقرير المؤسسة المذكور، لا يوصي بحتمية الهدم، إنما يؤكد إمكانية التدعيم، في حين يرفض أهالي ضحايا الانفجار أي محاولة لهدم المبنى الذي يريدون تحويله إلى معلم، شاهد على واحد من أقوى التفجيرات غير النووية.
ويبدو أن المسألة قاربت حدها، مع إصرار فريق الممانعة على الرئيس نجيب ميقاتي من أجل تنفيذ الهدم قبل الانتخابات، وبالتالي إزالة معالم جريمة العصر، كما سبق أن ضغطت الجهات عينها على وزير الداخلية، وقت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 فبراير 2005، سليمان فرنجية لتسريع إزالة معالم مسرح الجريمة قبل استكمال التحقيقات.
وتقول المصادر المتابعة لـ «الأنباء» إن الرئيس ميقاتي، يفضل تأجيل عملية الهدم إلى ما بعد الانتخابات خشية منه أن يتحول الهدم الآن إلى شرارة تفجر الوضع الأمني بما يطيح بالانتخابات النيابية، لكن الفريق الآخر متمسك بالهدم الآن، وبالتحديد قبل الانتخابات، ما جعل ميقاتي القلق من الارتدادات السلبية للهدم على الاستحقاق الانتخابي يوسع دائرة اتصالاته لتشمل رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وكان أهالي الضحايا المئتين قطعوا طريق جونية أمس الأول، في محاولة لمحاصرة الرئيس عون، بينما كان في جامعة الكسليك، وقد حصل اشتباك بالأيدي بينهم وبين الجيش أثناء فتحه الطريق عنوة.
وتضاف إلى المخاطر التي تترصد الانتخابات المحاولات الرسمية لتجويف هذا الاستحقاق من الداخل، عبر عرقلة التشكيلات الديبلوماسية والقضائية، ومن خلال تعمد عرقلة انتخابات المغتربين عبر تدابير وإجراءات اتخذتها بعض السفارات اللبنانية المرتبطة بالتيار الحر، وخصوصا السفارة اللبنانية في استراليا التي وزعت مراكز الاقتراع على نحو يلزم أفراد العائلة الواحدة بالاقتراع في مراكز متباعدة، بخلاف ما كان الحال في انتخابات 2018، الأمر الذي سيرتد سلبيا على إقبال الناخبين.
وكان «التيار الحر» حاول تقليص إقبال المغتربين على الاقتراع من خلال تخصيص الدائرة الانتخابية السادسة عشرة للمغتربين، ولم ينجح برلمانيا او دستوريا في فرض ذلك، فتحول إلى تفريق مراكز الاقتراع، دفعا للناخبين إلى صرف النظر.
ومن هنا حرص «التيار الحر» ورئيسه باسيل على الاستئثار بحقائب المسيحيين الديبلوماسية والقنصلية، بدليل ترك التشكيلات الديبلوماسية إلى ربع الساعة الأخير من ولاية العهد، متخذا منها رافعة انتخابية.
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب استعداد لبنان للتعاون مع قبرص في استغلال كميات الغاز المحتملة تحت المياه المشتركة بين البلدين.
وقال بوحبيب بعد محادثات أجراها مع نظيره القبرصي يوانيس كاسوليدس، لا مشكلة بعد اكتشاف الغاز، واصفا مقترح الوسيط الأميركي حول التنقيب بالبحر بأنه «غير جاهز، ولو انه افضل من السابق، وأن الحكومة متفقة على ما تريده من الصفقة مع إسرائيل، لذلك نأمل ان نرد على المقترح الأميركي قريبا، وأن يكون الرد موحدا».
ولفتت المصادر إلى أن الترسيم البحري للحدود سيتم وفق الخرائط الإسرائيلية، وستحصل إسرائيل على حقل كاريش كاملا.
وأضافت أن صفقة «حزب الله» – باسيل تشمل ثلاث شركات للتنقيب: إيرانية للحزب وفرنسية لباسيل وأميركية، إضافة الى حصول باسيل على حصة من إعادة إعمار مرفأ بيروت، في مقابل حصول «حزب الله» على الغاز.
وكشفت مصادر لقناة «الحدث»عن أن باسيل عرقل ترسيم الحدود البحرية بضغط من «حزب الله» وأن الحزب فوضه بالمفاوضات بدلا من الرئيس عون.