كتب أحمد منتش في ” النهار”:
اللوتو اللبناني، الحلم الذي يسعى الى تحقيقه كلّ إنسان، الثري والميسور قبل الفقير والمحتاج أصبح الى حدّ بعيد حكراً على الأغنياء والميسورين فقط.
لم يعد باستطاعة الفقير والمحتاج وسمّ أكثر من شبكة واحدة من ستّة أرقام كان سعرها منذ إطلاق اللوتو اللبناني العام 1985 ألفاً وخمسمئة ليرة لبنانية، لترتفع تباعاً الى ألفين ثمّ الى ثلاثة آلاف، وبدءاً من آخر سحب للوتو جرى يوم الاثنين الفائت، قفزت أسعار اللوتو على النحو ألاتي:
شبكة لوتو عادية 6 أرقام 8 آلاف ليرة لبنانية بدلاً من ثلاثة آلاف ل.ل.
شبكة لوتو خاصّة 7 أرقام 56 ألف ل. ل بدلاً من 21 ألفاً.
شبكة لوتو خاصّة 8 أرقام 224 ألف ل. ل بدلاً من 84 ألفاً.
شبكة لوتو خاصّة 9 أرقام 674 ألف ل. ل بدلاً من 252 ألفاً.
شبكة لوتو خاصّة 10 أرقام 1680000 ل. ل بدلاً من 630 ألفاً.
فيما ارتفع سعر الاشتراك في رقم “زيد” من ألف الى ألفين، والاشتراك بهذا الرقم لا يغري زبائن اللوتو والمراهنين لأنّ جائزته تبدأ بـ25 مليون ليرة ولا تزيد عن الـ75 مليون ليرة، وغالباً ما يفوز بالجائزة أكثر من شخص، على عكس الجائزة الأولى في اللوتو التي تبدأ بالملايين وتتراكم لتصل الى أكثر من مليار ووصلت قيمتها في أحد السحوبات الى 7 مليارات ليرة، وغالباً ما يفوز بالجائزة الأولى شخص واحد أو اثنان فقد وكذلك الجائزة الثانية المؤلفة من 5 أرقام مع الرقم الإضافي وتتراوح قيمتها بين المئة مليون والثلاث مئة مليون ليرة.
إدارة اللوتو أدخلت اللعبة الى كلّ بيت
لا شكّ انّ إدارة اللوتو سجلت نجاحاً كبيراً في جذب وتحفيز الناس على المراهنة بلعبة اللوتو من خلال التطور التكنولوجي والحوافز المغرية والمشجعة على المشاركة في اللعبة، حيث بات باستطاعة أيّ شخص داخل لبنان وخارجه المشاركة والمراهنة من خلال الإنترنت عبر بطاقات خاصة مدفوعة مسبقاً أو عبر رسائل نصية على الهاتف بحيث يتمّ اقتطاع المبلغ من رصيده إضافة الى مبلغ صغير، هذا فضلاً عن مئات بل ألوف الماكينات الخاصة بوسم شبكات اللوتو والمنتشرة بكثافة داخل المحال والأماكن العامة والخاصة على مساحة الوطن.
وعلى عكس اليانصيب الوطني الذي يجري سحبه مرة واحدة في الأسبوع وأرقامه ثابتة، فإنّ سحب اللوتو يتمّ مرتين في الأسبوع يومي الاثنين والخميس وأرقامه مفتوحة أمام خيارين امّا أن يختارها الشخص بنفسه أو أن يوسمها بطريقة عشوائية تختارها عنه آلة السحب، وهذا الأمر أسهم كثيراً في تراجع نسبة المراهنين على ورقة اليانصيب وفاقم نسبة المراهنين على لعبة اللوتو، ليصل عدد المشاركين في اللعبة الى أكثر من أربعة مليون شخص، استناداً الى تصريحات مسؤولين في إدارة الشركة اللبنانية لألعاب الحظ.
مدمنون على اللعبة وأنا واحد منهم
لا أبالغ ولن أكشف سراً بالقول أنني أعرف أشخاصاً يراهنون مرتين في الأسبوع بمبالغ خيالية في كلّ مرة يومي الاثنين والخميس بمبالغ تفوق الخيال تترواح بين عشرة ملايين وعشرين مليوناً عبر وسمهم لعدد كبير جدا من الشبكات العادية والشبكات خاصة من الأرقام الخاصة بدءاً من الرقم سبعة ولغاية الرقم عشرة الذي كان سعره ستمئة وثلاثين الف ليرة وأصبح اليوم مليوناً وستمئة وثمانين ألف ليرة، خصوصاً عند تراكم الجائزة الأولى وتخطّيها سقف الثلاثة مليارات.
وأكّد صاحب محلّ لوسم شبكات اللوتو أنّ شخصاً واحداً قام لسحب واحد بوسم أكثر من ألف شبكة بين أرقام عادية وخاصة بلغ سعرها نحو اثنين وثلاثين مليون ليرة، وأنا شخصياً من بين الأشخاص الكثر الذين واظبوا وأدمنوا على المشاركة بلعبة الحظ، منذ انطلاقتها في العام 1985 وحتى اليوم كمتنفّس وحافز على ربح سريع يغيّر نمط حياتنا الخاصة ومتطلبات حياتنا اليومية، وأعترف أنني أنفقت طوال سبعة وثلاثين عاماً ما يقارب الخمسمئة مليون ليرة لبنانية وربما أكثر بكثير، لم أحظَ فيها طوال الفترة الطويلة سوى مرة واحدة بالفوز بخمسة أرقام بلغت قيمتها نحو مليونين ونصف مليون ليرة لبنانية فقط إضافة الى ربح ثلاثة أرقام أو أربعة لا تزيد قيمتها عن الاثني عشر ألف ليرة أو سبعين ألف ليرة، علماً أنّ إدارة اللوتو تعمل على حسم 20 في المئة من كلّ ورقة رابحة تتخطى فيها الأرقام الرابحة الأرقام الثلاثة، فيما تتقاضى وزارة المالية من الأوراق الرابحة وعائدات شركة اللوتو ما نسبته الـ42 في المئة.
أمّا اليوم وبعد ارتفاع أسعار شبكات اللوتو، وفي ظلّ الظروف المعيشية والحياتية، وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وتدنّي قيمة الليرة اللبنانية، لم يعد باستطاعتي كما العديد من أمثالي سوى اقتطاع شبكة واحدة أو اثنتين، في اليوم الواحد بقيمة 20 ألف ليرة أو ورقة كاملة من 8 شبكات بقيمة 66 ألف ليرة، وحدهم الأغنياء والميسورون بإمكانهم المشاركة بلعبة اللوتو وبات لديهم الحظ الوفير بالفوز بالجائزة الأولى لزيادة ثرواتهم، على حساب حظوظ الفقراء والمعوزين.