شهر بالتمام والكمال يفصلنا عن الاستحقاق الانتخابي، ستسمعون فيه العناوين الفضفاضة والوعود الوردية والشعارات الوهمية المستنسخة في كل “موسم” انتخابي ومشاريع “على مدّ عينكم والنظر”.
مما لا شكّ فيه أن لبنان يمرّ بأزمة مالية واقتصادية ومعيشية، ولكن هذه البقعة الصغيرة من الشرق تمرّ بأزمة وجودية فعلية، وعلى كل فرد أن يقرّر مصير وطن بكامله.
لا تسمعوا لخفافيش الليل الذين يحاولون إقناعكم بألا مجال للتغيير إلا من خلال قرار خارجي.
لا تصدقوا من يقول إن الطغمة الفاسدة ستعود إلى الحكم كما كانت عليه سابقاً.
لا تسكتوا عن حقّكم ووجعكم وقلقكم على مستقبلكم ووجودكم.
لا تقبلوا بهيمنة الدويلة على الدولة.
ففي تاريخ لبنان الحرّ والمشرّف، مرّت أزمات كثيرة وحاولوا وضع هذا البلد الصغير على “لائحة الطعام”، ولكنهم لم ينجحوا يوماً، وكان في كل مرّة هذا الشعب الجبار يضرب بكل عزم وعزّ يده على الطاولة ليجلس بالقوة ويقرّر مصيره بيده!
لذلك، المسؤولية تقع على كل فرد منكم، أنتم الذين تُذلّون يومياً على محطات البنزين وأمام الأفران وتسهرون كل ليلة على “ضو الشمعة” أو على مزاج صاحب المولّد!
أنتم الذين فقدتم أولادكم وإخوتكم وآباءكم وأمهاتكم في تفجير مرفأ بيروت من دون أن تعرفوا السبب بعد مرور أكثر من عام!
أنتم الذين أوصلتم أولادكم وودعتموهم على أرض المطار ليغادروا علّهم يفتّشون عن فرصة بديلة للعيش حياة طبيعية!
أنتم من تخافون على مصيركم مع كل طلوع فجر وكل مغيب شمس!
أنتم من دفنتم أمهاتكم وآباءكم وإخوتكم بسبب فقدان الأدوية!
أنتم الجائعون والمشردون في أرضكم والمسلوبون والمسروقون والمتروكون لمصيركم والمتعبون والمقهورون!
فبعد كل ما حُكي وما لم يُحكَ، المطلوب في هذا الشهر المفصلي أن تحكّموا ضمائركم وتختاروا، إما أن تبقوا في هذه الأرض أسياد مصيركم، أو إياكم أن تتذمّروا من جهنّم الذلّ! والسلام.