هل يفعلها الرئيس سعد الحريري، ويدعو في كلمته المرتقبة عشية عيد الفطر، قواعده الشعبية وجمهور تيار “المستقبل” إلى المشاركة والإقتراع بكثافة في الإنتخابات النيابية؟ كلّ المؤشّرات كانت تشير خلال الأشهر القليلة الماضية، ومنذ اتخاذ الرئيس الحريري قراره الشهير بمقاطعة الإستحقاق ترشيحاً ودعماً وضمناً إقتراعاً، إلى أنه سيوعز لجمهوره بالمقاطعة الشعبية. لكن المشهد تغيّر اليوم، وباتت المعطيات المحيطة بالعنوان الإنتخابي، وفي مقدّمها موقف دار الفتوى والعودة الديبلوماسية الخليجية إلى بيروت، والخشية من الفراغ، دافعاً لإعادة خلط الأوراق على مستوى قيادة “المستقبل”، من أجل تحديد الموقف ووجهة تصويت الناخبين السنّة، والذين لم يدعوهم الحريري للمقاطعة، ولكن لم يدعوهم للمشاركة أيضاً إلى حين حلول الموعد الذي حدّده لإطلاق “كلمة السرّ” الإنتخابية.
أوساط سياسية مطّلعة، وعلى تماس مع الحراك الإنتخابي في العاصمة، تكشف عن مفاجأة ربع الساعة الأخير، التي يستعدّ لها الرئيس الحريري، حيث سيطلق موقفاً متمايزاً في غضون أسبوعين، أي قبل الإستحقاق بأيام معدودة، وذلك في ضوء تغيّر مشهد الشارع بشكلٍ كلّي، نتيجة المخاوف والقلق من ترك الساحة السنّية “هبة” للأطراف السياسية الأخرى.
ووفق هذه الأوساط، فإن تيار “المستقبل” يشهد انقساماً واضحاً على مستوى المحازبين والجمهور، حيث أن قسماً منه يؤيّد قرار المقاطعة، والقسم الآخر يدعم قرار دار الفتوى بالمشاركة في الإنتخابات، وعدم ترك الساحة للفراغ، ولكن حتى الساعة، ما من مرجعية واحدة لتوحيد الموقف، على الأقل حتى نضوج ظروف القرار “المستقبلي”.
وإذا كان استنهاض الشارع السنًي مرتبط بأكثر من عنصرٍ اليوم، وفي مقدمه موقف المفتي عبد اللطيف دريان، الذي دعا للإقتراع، واتحاد العائلات البيروتية الذي انخرط بالإنتخابات، ورؤساء الحكومات السابقين الذين تضامنوا مع قرار الرئيس الحريري، ولكنهم دعموا لوائح في العاصمة وطرابلس وعكار وصيدا، فإن هذه العناصر قد راكمت ضغوطاً على “التيّار الأزرق”، وجعلت من الحلقة المؤيّدة للعودة عن المقاطعة والمشاركة بالإستحقاق كبيرة، وبالتالي تؤكد الأوساط، أن الرئيس الحريري، لا يستطيع البقاء من دون أي ردّة فعل تجاهها، لافتةً إلى أن القرار بالمقاطعة لم يكن مدروساً، كما كان قرار التسوية الرئاسية، وقرار تأييد قانون الإنتخاب الحالي.
لكن الأوساط نفسها، تستدرك مؤكدة أن ما من شخصية قادرة على الحلول في موقع الرئيس الحريري، أو وراثة زعامته ودوره، وقد تشرذمت الساحة السنّية في غيابه، كون الجمهور السنًي، وتحديداً جمهور “المستقبل”، والذي تضامن مع قراره بالمقاطعة والتفّ حوله وأيّده، بات اليوم يشعر بالظلم والإحباط ويخاف من الفراغ، خصوصاً وأن منسوب الحماسة والمنافسة بين اللوائح التي تدور في فلك الحريرية السياسية بدأ يتزايد، ويلقي بثقله على معادلة “الأرض”، والتي ستقلب الموازين، وصولاً إلى خرق قرار المقاطعة.
ch23