لم ينجح البرلمان اللبناني حتى الآن في إقرار قانون يضع ضوابط وقيوداً إستثنائية ومؤقتة لمنع هروب الرساميل عند الأزمات، والحد من خسارة المودعين الذين ائتمنوا المصارف على أموالهم و “جنى العمر”.
فمنذ انهيار النظام المالي في لبنان إبتداءً من خريف العام 2019 والذي إنعكس شللاً في القطاع المصرفي أدّى إلى تجميد أرصدة المودعين بالعملة الصعبة (الدولار)،
أخفقت القوى السياسية في إقرار واحدة من النُسخ العشرة لقانون ما بات يعرف بـ “الكابيتال كونترول” بسبب الخلافات في ما بينها.
وأمس الأربعاء أجّلت اللجان النيابية المعنية البت في هذا القانون إلى الأسبوع المقبل.
قيود قاسية على المودعين
فيما أوضحت الخبيرة القانونية والرئيسة التنفيذية لمؤسسة juriscale سابين الكيك لـ”العربية.نت”
“أن النسخة الجديدة من الكابيتال كونترول الذي وافقت عليها الحكومة وناقشتها امس اللجان النيابية،
تتعلّق بأموال المودعين القديمة (أي قبل 17 أوكتوبر 2019) وليس الجديدة fresh المحوّلة من الخارج،
وهي تتضمّن قيوداً “قاسية” لدرجة أن المودعين لن يستعيدوا أموالهم أقلّه قبل 4 سنوات”.
وأشارت إلى
“أن إقرار هذا القانون ورد في الإتفاق مع صندوق النقد الدولي من ضمن فقرة السياسة النقدية الجديدة
التي يجب على الدولة اللبنانية اعتمادها بعد إعادة تحديد إحتياطي العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان،
ما يعني أنه ليس مطلباً أساسياً وكافياً لصندوق النقد الدولي كما يروّج، بل أن إقرار الموازنة وتوحيد سعر الصرف هما مطلبان أساسيان الان للصندوق”.
سياسة نقدية جديدة
كما أضاف ألا علاقة للكابيتال كونترول الذي يُطالب به صندوق النقد الدولي بإعادة هيكلة القطاع المصرفي ولا بحقوق المودعين،
بل ضمن سياسة نقدية جديدة للبنان ومعرفة حجم الإحتياطي الإلزامي لدى مصرف لبنان،
لأن الصندوق يسعى لضمان استعادة أموال القرض بعد بضع سنوات وصرفه في المكان الصحيح”.
وحتى اليوم لا يزال مصرف لبنان يتولّى تمويل عجز الدين العام وهو ما يرفضه صندوق النقد الدولي،
لأنه يريد ضمان القرض الذي سيمنحه وأن يُصرف في المكان المُحدد له ضمن خطة التعافي.
مصالح المصارف أولا
إلى ذلك، أوضحت الكيك “أن هذا القانون تدبير إحتياطي وليس علاجي وذلك من أجل وقف استنزاف رؤوس الأموال”
معتبرة أن إقراره بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على الأزمة المالية والنقدية، لم يعد ينفع،
لأن أولوية صندوق النقد الدولي اليوم باتت في إعادة تحريك عجلة الإقتصادي اللبناني”.
واعتبرت
“أن السلطة السياسية تريد إقرار قانون الكابيتال كونترول من أجل إقفال ملف الأزمة المصرفية لا أكثر بما يتناسب مع مصالح المصرفيين
أي أعضاء مجالس إدارة البنوك وأيضاُ مصالح السياسيين”.
ولفتت إلى
“أن عملية هيكلة الودائع لن تتم قبل إجراء تقييم مالي لميزانيات المصارف من قبل مؤسسات مالية عالمية موثوق بها
بالتزامن مع وضع خطة لإعادة هيكلة البنوك، خصوصاً الكبرى المُصنّفة فئة “ألفا”.
صرخة المودعين
في المقابل، أطلقت “جمعية المودعين” سلسلة تحرّكات احتجاجية محذّرةً من المسّ بأموال المودعين،
ومنبّهة الى أن معركتها ستكون مفتوحة وقاسية لحماية حقوق الناس وجنى أعمارهم.
وكشف رئيسها حسن مغنية لـ”العربية.نت” “أن
الإضراب الأسبوع المقبل سيكون أحد الخيارات التي ستلجأ إليها، مضيفا أنه في حال أقرّ النواب الكابيتال كونترول
“فإنهم سيرون أشياءً لم تحصل سابقاً”، وفق تعبيره.
كما اعتبر أن
“أن صيغة القانون التي تُناقش تحمي المصارف وتمنع عن المودعين حق اللجوء إلى القضاء لإسترجاع حقوقهم.”
وتساءل
“ماذا يعني أن يحصل صاحب كل وديعة تحت 100 ألف دولار عليها بالتقسيط حتى 10 سنوات أما أصحاب الودائع فوق 100 ألف دولار فلن يحصلوا عليها”؟!.
وتابع قائلا
“كيف يُمكن إقرار قانون كابيتال كونترول من دون توحيد سعر صرف الليرة مقابل الدولار وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتحديد المسؤوليات؟
وكيف سيحصل كل ذلك والدولة حتى اليوم لم تصدر بياناً رسمياً تُحدد فيه سبب الأزمة التي نعيشها منذ أكثر من ثلاث سنوات”؟
يذكر أنه منذ بدء الأزمة المصرفية لم يعد بإستطاعة المودعين سحب أموالهم بسهولة، لاسيما أصحاب الودائع “بالدولار”،
حيث تم وضع سقف للسحوبات وبالليرة اللبنانية .
فيما لجأ عدد كبير من المودعين إلى القضاء من أجل إستعادة أموالهم المحجوزة في المصارف منذ خريف 2019.
وآخر القرارات القضائية الصادرة بحق المصارف، قرار قضائي صدر يوم الثلاثاء 12 أبريل/نيسان الجاري،
عن قاضي الأمور المستعجلة في بيروت كارلا شواح، قضى بإلزام المدعى عليه مصرف “فرنسبنك” بإستعادة شيكين مسحوبين
لأمر الكاتب العدل وفتح الحسابين العائدين لهما، ثم تحويل المبالغ فيهما بالدولار الأميركي إلى مودعة مدعية مقيمة في سويسرا.
العربية