بدلاً من توحّد قوى المعارضة في لائحة واحدة لمواجهة السلطة المتحكّمة بالسياسة العامة وتمكّنها من إحداث خرق بمقعد أو اثنين، تعدّدت اللوائح خلافاً للتوزيع السياسي غير المتوازي مع الكتل الناخبة، ومن دون دراسة واقع أرض المعركة وما إذا كان يمكن تقسيم المُقسّم.
هذا ما يحصل حالياً في دائرة البقاع الغربي وراشيا، حيث تواجه المعارضة منظومة الفساد بأربع لوائح غير متكافئة القوة والحضور، ما وضعها في امتحان صعب «سقطت» فيه قبل أن تصل إلى صناديق الاقتراع بفعل تشتّتها، ما أدى أيضاً إلى بروز مشكلة جديدة في عجز بعض لوائحها عن تأمين مندوبين ومندوبات في منطقة تسجل فيها أكبر نسبة اغتراب، حيث 60% من أهلها مغتربون، بعدما استطاعت أحزاب السلطة حجز المئات من الشباب والشابات، مقابل أجرة المندوب يوم الانتخابات بـ3 ملايين ليرة و3 ملايين للسيارة، إضافة إلى بطاقات تشريج التلفون وبنزين لزوم تحركه.
هذا ما أعاق عمل تجهيز الماكينات الانتخابية للوائح المعارضة بعدما تراجعت المنصات الممولة عن تقديم الأموال لها، ووضعتها في موضع حَرِج بين أن تنسحب أو تستكمل المعركة بـ»اللحم الحي»، وما زاد طينة الشح المالي بلة تراجع المتطوعين في كافة القرى لأسباب الانقسام والخلافات الحاصلة بين اللوائح نفسها.
فبعد إقفال باب تسجيل اللوائح رست في دائرة البقاع الغربي وراشيا البورصة على ستّ لوائح، خمس منها غير مكتملة وواحدة فقط مكتملة، تتوزع ثلاثاً لأحزاب السلطة، وثلاثاً للمعارضة بين قوى ثورية ومستقلين.
لذا يركز العمل حالياً في كيفية رسم خطط دعائية لعرض البرنامج الانتخابي، بعدما حَددت اللوائح مُرشحيها وانطلق كل منهم بصولات وجولات لاستعراض برنامجه من جهة، ومن جهة ثانية العمل على تأمين مندوبين ومندوبات جوالين وثابتين يفترض أنهم يغطون كامل أقلام الاقتراع، إضافة إلى الانهماك بالتجهيزات اللوجيستية لسدّ الثغرات للانطلاق إلى المواجهة.
هكذا بدأت المعركة تسلك طريقاً استعراضياً لاستمالة «الكتلة السنية الناخبة» وغرف الأصوات منها لكونها الأكبر والأكثر قدرة على تحديد الحواصل وبالتالي تحديد الربح والخسارة.
فتدل الصورة البانورامية بعد غياب ماكينة تيار المستقبل عن المشهد أن أكثر هذه اللوائح حضوراً، هما لائحتان:
الأولى تحالف «الممانعة» بموزاييكها في لائحة «نحو غد أفضل» غير مكتملة يرأسها الوزير السابق حسن مراد، ضمّت النقيضين حركة أمل والتيار الوطني الحر، إضافة الى طارق الداوود والنائب ايلي الفرزلي. فرغم ما تعرضت له الأحزاب من تصدع في بنيتها الشعبية، إلا أنها ما زالت تحتفظ بقوة حضورها وبماكيناتها الانتخابية الممتدة في كافة القرى البقاعية، أكثر من حضور قوى انتفاضة 17 تشرين المتناثرة.
ربما يعود ذلك لأن كل فريق سياسي يتبنّى ماكينته الحزبية في بيئته الحاضنة، أمل في القرى الشيعية، والداوود في القرى الدرزية والوطني الحر في القرى المسيحية، ومراد في القرى السنية انما الفرزلي يعتمد على مركزية الماكينة الانتخابية في كافة القرى حتى أنه لا يتكلف ثمن صورة واحدة له.
فيما اللائحة الثانية «القرار الوطني المستقل» مكتملة يرأسها النائب محمد القرعاوي، بالتحالف مع الحزب التقدمي الاشتراكي والجماعة الإسلامية. أيضاً أنجزت كامل ماكينتها في جميع المناطق والقرى. واعتمدت على ماكينات الحزب التقدمي الاشتراكي والجماعة الإسلامية وماكينة النائب محمد القرعاوي في الشارع السني بكافة القرى.
تعطش اللوائح للمندوبين رفع أجرة كلفة المندوب بشكل غير مسبوق وصل إلى 3 ملايين ليرة، وللسيارة مثلها، هذه الأرقام حددتها ماكينتا اللائحتين، ما أربك لوائح المعارضة.
ففي الشكل بدت اللوائح الأربع المتبقية وغير المكتملة بحاجة إلى استرضاء الشارع وإقناعه بهذا التعدد والاسباب بعدما أصبح شعار التغيير مجرد شعار.
أما اللائحة الثالثة المدعومة من حزب القوات اللبنانية، فما زالت تعاني من انسحاب رئيسها العميد محمد قدورة من المعركة لكونه يعتبر أحد أهم أعضائها في تأمين العدد الأكبر من الأصوات، لكونه منسق تيار المستقبل الأسبق، كان يعول عليه ليغرف من الكتلة السنية الناخبة، لتستمرّ اللائحة بالباقين وهم المهندس خالد العسكر عن المقعد السني (مستقل، عشائر عربية)، جورج عبود عن المقعد الارثوذكسي (مستقل)، داني خاطر عن المقعد الماروني محسوب على حزب القوات، وهي أيضاً تعاني من تأمين مندوبين لها في غالبية القرى البقاعية. خاصة في الشارعين الشيعي والدرزي، الأول بسبب تضييق مناصري حزبي «الثنائي الشيعي» على كل مستقل يريد أن يكون مندوباً للائحة القوات، أما المشكلة في الشارع الدرزي فبسبب عدم وجود مرشح درزي، أصبح ايجاد مندوبين في قرى راشيا أمراً ليس ببسيط، حيث يتوزع المندوبون فيها بين فريقي 8 آذار والتقدمي الاشتراكي، ما يسبب إعاقة في مراقبة ومتابعة عمليات الاقتراع والفرز.
فيما لائحة «سهلنا والجبل» المدعومة من قوى ثورية ليست أفضل حالاً من غيرها، كذلك تعاني من عوائق تأمين مندوبين بعدما وصل «السعر» إلى 300 دولار للمندوب وسيارته، ليطلق بعض المجموعات الثورية حملة تطوع للتسجيل كمندوبين للائحة «الانتفاضة».
أما لائحة «نحو التغيير» فلم تشذ عن القاعدة بينما لائحة «قادرين» المدعومة من حركة مواطنون ومواطنات في دولة (شربل نحاس)، لم تفتح المكاتب كما غيرها، اكتفت بحركة المرشحين، وركزت على عدد قليل من المندوبين في قرى محددة وليس على كافة أقلام الاقتراع في البقاع الغربي. وخلال هذه الزحمة في مركز قضاءي البقاع الغربي وراشيا برزت مشكلة من نوع آخر لوجيستية بامتياز، عوائق تعترض عمل الماكينات، أهمها الحصول على الهويات والتأخر في إنجازها، عدا عن عدم توفر أوراق كافية لدى دوائر وأقلام النفوس. ما يدعو إلى رفع الصوت لإصدار قرار استثنائي لتأمين بديل من الهوية وإخراج القيد وإصداره بالسرعة القصوى.