مَن فجّرنا ودمّرنا، يعود ليحكمنا. فقد حلّ ما حلّ بنا، ولا يزال عدد كبير من اللبنانيين يستثنون “زعماءهم” و/أو يعتبرونهم براء من كلّ ما حدث. ورغم أنّنا لا نجد الدواء والطعام والمحروقات واللائحة تطول، ورغم كلّ الذل، يتّجهون للتصويت لهم في صناديق الاقتراع. ويبدو ألا تغيير جذريًّا، وأنّ كثراً سيُعيدون إلى المجلس من فجّر بيروت وأبكى أمّهاتها ومن “شحّدنا” وحرمنا اللقمة والعيش والفرح والبقاء في بلدنا. ولكن، لا بدّ أنّ يكون لهذه الحالة “المش طبيعيّة” تفسير ما، فما هو؟
“لا شكّ أنّها ظاهرة إجتماعيّة” يقول المعالج النفسي المتقاعد والناشط السياسي والاجتماعي نبيل خوري في حديثٍ لموقع mtv، معتبراً أنّ ذلك موجود أيضاً في النموذج الليبي حيث تتصارع القبائل والنموذج العراقي بشكل كبير.
وعن التفسير النّفسي لهذه الظاهرة، يشرح خوري أنّ “عدم وجود حالة من الاستقرار الفكري والذهني والمادي والاجتماعي يجعل الإنسان يعيش في حالة من اللاأمان”. وفي هذه الحالة يدخل في طريق البحث عن أماكن تمنحه الأمان، ويجدها في احتمالات ثلاث. ويفنّدها قائلاً: “الناخبون اللبنانيون مقسومون لـ3 فئات. الفئة الأولى هي فئة المرتزقة التي تعتاش من زعماء فاسدين. ورغم علمهم بفسادهم، لا يتخلّون عنهم لأنّه بنظرهم لا بديل، فهم يعتاشون من هذا الفساد الذي أمّن لهم وظائف وراتب شهري. أمّا الفئة الثانية فهي تتمثّل بمن يعتبرون أنّ خياراتهم هي الصائبة وأن هذا الشخص سيُحدث تغييراً ما. وأخيراً الفئة الثالثة وهي فئة المشحونين طائفيًّا ومذهبيًّا وهؤلاء المتعصّبين “مستلمين الدفة أخيراً”، وبهذه الطريقة يجنّدون أشخاصاً للقيام بحشد شعبي وشحن مذهبي”. وهنا يلفت إلى أنّ “التعصب جهل والجهل طاغٍ في المجتمع”.
هذه الفئات الثلاث تختصر أشخاصاً يعيشون بيننا، نعرفهم جيّداً ونراهم يوميًّا. هم أيضاً يتذمّرون من الوضع السيّء، من غياب الكهرباء ومن تحليق الأسعار، من تنكة البنزين “الطايرة” ومن رواتبهم “الما بتسوى شي”، ولكن بنظرهم كلّ ذلك غير مرتبط لا بالزعيم ولا بالحزب، وبمنطقهم هذا سيُعيدون في 15 أيّار انتخاب جلاديهم براحة بال وضمير.