فجأة، من دون أي تغيير في الوضع القائم، قررت السعودية إعادة سفيرها وليد البخاري إلى بيروت، وهي الخطوة التي لاقت ترحيباً واسعاً من الدولة اللبنانية ومن الجمهور اللبناني الذي يعتبر أن العلاقات اللبنانية العربية أساسية للنهوض بلبنان، وهو ما ترجمته تغريدات مُرحّبة في مواقع التواصل الاجتماعي. وفي الوقت نفسه، تساءل كثيرون عن السبب الذي دفع السعودية لإعادة علاقاتها بلبنان، وخلفية هذه العودة في هذا التوقيت بالذات.
جمهور محور الممانعة، والذي يعتبر السعودية خصماً أو عدوة في بعض الأحيان، رأى أن عودة السفير السعودي هي نتيجة لفشل سياسة المملكة في هزيمة مشروعهم. ورأى ناشطون في “التيار الوطني الحر” مثلاً أن هدف السعودية من قطع العلاقات كان تركيع العهد، وهو ما دلت عليه ورقة الشروط الكويتية التي طُرحت على لبنان وكانت الموافقة عليها شرطاً لعودة العلاقات.
ناشطون يدورون في فلك “حزب الله”، اعتبروا أن عودة السفير السعودي قبل الانتخابات النيابية هي لدعم حلفائه، مثل “القوات اللبنانية”، بعد تشظي محور 14 آذار وعزوف الحريري عن الترشح، فوجدت المملكة نفسها مضطرة للعودة كي تعيد لملمة حلفائها وخوض الانتخابات النيابية مخافة فوز ساحق لـ”حزب الله”.
الناشطون المؤيدون للسعودية وخصوم المحور الإيراني، رأوا في عودة السفير وليد البخاري إلى لبنان، بادرة حسن نية سعودية بعد مناشدات القوى السياسية اللبنانية، واعتبروا أن السعودية لن تترك لبنان وحيداً في الأزمة التي يمر بها، ووجد آخرون في عودته النية في عدم ترك الساحة خالية لإيران كي ترسخ سيطرتها على لبنان.
ينظر اللبنانيون إلى عودة السفير السعودي إلى لبنان من منظار أزماتهم وطموحاتهم الضيقة. فقرار عودة العلاقات اللبنانية العربية، يتأثر بالعديد من العوامل الدولية، منها ترسيم الحدود الجنوبية والأزمة الأوكرانية وملف المفاوضات النووية في فيينا وحرب اليمن وغيرها. كما أن الوضع اللبناني ونفوذ الدول الإقليمية فيه، خاضع لتوازنات عديدة، تفرضها دول كبرى، ولا دور لمشاعر الحب والكراهية في قرارات الدول.