ماذا عن سعر الصرف الموحَّد المرتقَب .. وكيف يطبّق؟

 

بعد مفاوضات طويلة، توصّل صندوق النقد الدولي إلى مسوّدة اتفاق تمويل مع لبنان، بعد مرور أكثر من سنتين على الأزمة الاقتصادية والنقدية. “الاتفاق مع صندوق النقد الدولي سيسهم في توحيد سعر الصرف”، هذا ما صرّح به حاكم مصرف لبنان لوكالة “رويترز” بعد الإعلان عن الاتفاق.

لكن عملياً وعلمياً، هل توحيد سعر الصرف في ظل الظروف الاقتصادية والمالية المعقدة، قابل للتنفيذ؟ وهل يمكن تقدير سعر الصرف الذي سيُتَّفق على توحيده؟

إذا ما أردنا شرح السيناريوهات العلمية المتَّبعة، التي سيرسو على واحد منها اتفاق لبنان مع “النقد الدولي” حول توحيد سعر الصرف، تشرح الخبيرة الاقتصادية والنقدية، الدكتورة ليال منصور، لـ”النهار”، الآتي.

السيناريو الأول يكون عبر تجديد تثبيت سعر الصرف مع تدخّل المركزي. وفيما نسبة نجاح هذا المسار ضئيلة، وفق منصور، فإنّه إن طُبّق فسيفشل، وإن نجح فسيكون نجاحه مؤقتاً فقط، فنظام تثبيت العملة بتدخّل المركزي، لا يتجدّد. لكن “صندوق النقد قد لا يرضى بهذا الحلّ”.

الحلّ الثاني، وهو المرجَّح تطبيقه برأي منصور، يكمن في “تحرير سعر الصرف”. رغم أنّ هذه الخطوة هي “كارثة الكوارث”، لكنّها الحلّ الأسهل بالنسبة إلى المعنيين بهذا الاتفاق، وعندما يحرَّر السعر يوحَّد، لكن ذلك سيؤدّي إلى انهيار الليرة على نحو كارثي إذ إن ذلك يتطلب ليلرة الودائع. وتؤكّد منصور في هذا الإطار أنّ “سعر الصرف الحالي، أي حوالي 24 ألف ليرة، سيكون حلماً في المستقبل عندما يحرَّر سعر الصرف”.

أمّا الحلّ الثالث، فهو عبر توحيد سعر الصرف بعد ليلرة الودائع لكن باعتماد الـcurrency board  (الدولرة الشاملة). واعتماد هذا الحل قد يؤدّي إلى ارتفاع بسيط في سعر الصرف، لكنّه يحتم وجود الثقة وتحسين الاقتصاد، بينما الحلّان الآخران، قد يظهران تحسّناً مؤقتاً، لكن الانهيار في اعتمادهما سيستمرّ.

وتشرح منصور أنّ سعر الصرف الحالي، حوالي 24 ألف ليرة، ليس السعر الحقيقي للدولار، فهو ملجوم بتدخّل المركزي، لكن سعره الحقيقي يفوق الـ40 ألف ليرة، بعد أن وصل في شهر كانون الأول إلى 34 ألف ليرة قبل تدخّل المركزي. وفي حال اعتماد الحل الثالث، “سيكون سعر الصرف في أحسن أحواله، يفوق 34 ألف ليرة”، بحسب منصور.

لكن ماذا عن سعر الصرف الموحَّد المرتقَب؟

لأن لبنان بلد مدولر بأكثر من 80 في المئة، يعني ذلك أنّ 80 في المئة من الودائع بالدولار غير موجودة. بالتالي وإن خضعت هذه الودائع لهير كات، يحتاج الأمر إلى طبع أموال لخلق هذه الودائع غير الموجودة فعلياً، فهي أرقام على ورق، على ما تشرح منصور. فإعادة، ولو 20 في المئة من الودائع عبر طبع أموال جديدة، ستؤدّي إلى انهيار العملة بشكل كارثي، ونتحدّث حينها عن مئات آلاف الليرات للدولار الواحد، وهنا تكمن خطورة الدولرة.

بذلك، تحديد سعر الصرف الموحَّد يكون بناءً على نسبة ليلرة الودائع، وتحديد كم سيعيدون منها، وهل سيعيدونها كلّها بالليرة أم جزءاً بالليرة وجزءاً بالدولار. لذلك، الأمر يتوقف عند نسبة الهير كات التي ستُعتمد.

 

في هذا السياق، تشير معلومات “النهار” إلى أنّ هناك رغبة بأن يكون سعر الصرف خاضعاً للعرض والطلب مع عدم تدخّل مصرف لبنان إلّا في حال عوامل خارجية قد تغيّر جذرياً في السعر، أي إنّ تدخّل المركزي في سعر الصرف يكون استثنائياً وليس يومياً.

وعن الوقت الذي يحتاج إليه الوصول إلى هذا المسار، تفيد المعلومات أنّ توحيد سعر الصرف لا يمكن أن يتم قبل الاتفاق على البرنامج وبداية تنفيذه وتسديد الدفعة الأولى، فتحرير سعر الصرف يحتاج إلى ثقة وسيولة، لذلك قد يستغرق الأمر انطلاقة البرنامج عملياً وهذا الأمر لا يكون قبل حوالي 5 أشهر.

الكابتال كونترول يكبّل الاقتصاد اللبناني

الطريقة التي سينتهجها صندوق النقد لتوحيد سعر الصرف كما يتبيّن من تصريحاته، هي عبر “الكابيتال كونترول”، بحسب رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق، الدكتور باتريك مارديني. وفي حديثه لـ”النهار”، يرى مارديني أنّها ليست الطريقة المثلى، فهي تكبّل الاقتصاد اللبناني وتسبّب مشكلة في عجلة الاقتصاد، ولن تكون هناك تعاملات بالليرة لمَن فواتيره بالدولار. لذلك، كان يُستحسن إقرار هذا القانون عبر وضع قيود على الدولار القديم فقط لا على الليرة. لكن لا ينفي مارديني أنّ الطريقة المرتقَبة هذه، قد تؤدّي إلى نتيجة مقبولة في بعض الأحيان.

غير أن مشروع القانون بالشكل الذي صدر عن مجلس الوزراء، يمنع اللبناني من تحويل ليرته إلى دولار. بالتالي، لن يكون هناك طلب على الدولار، ما يحدّ من ارتفاع سعره نظراً لانخفاض الطلب عليه. وفي ما يتعلق بالسحوبات المصرفية، يضع هذا القانون سقفاً لها. أمّا الجزء الآخر من الطلب على الدولار، فهو المتعلق بعجز الموازنة العامة، ويدفع بارتفاع بسعر الدولار. فالدولة، وفق مارديني، لم تعد قادرة على تمويل هذا العجز عبر الاستدانة من الأسواق الدولية لأنّها تخلّفت عن دفع ديونها، وموّلته في السنوات الثلاث الماضية عبر طبع إضافي لليرة.

والاتفاق مع صندوق النقد في ما يتعلق بسعر الصرف، سيتضمّن، برأي مارديني، خفض عجز الموازنة العامة إلى حين تحويله إلى فائض. وريثما سيُعمل على إلغاء هذا العجز، سيموّل صندوق النقد وشركاء لبنان الخارجيون هذا العجز، ولن يكون هناك داعٍ لضخ ليرة لتمويل هذا العجز، وبالتالي لا انهيار إضافياً لها.

وعن سعر الصرف المرتقَب، برأي مارديني، من المبكر الحديث عن سعر تقريبي للدولار، وإن اتُفق مبدئياً مع صندوق النقد، لأنّ الإصلاحات المطلوبة من الدولة اللبنانية لم تُنفَّذ بعد. فلدى تطبيق هذه الإصلاحات، من إعادة هيكلة المصارف والقطاع العام، وأموال المودعين، وسد عجز الموازنة، يمكن الحديث عن سعر حقيقي لليرة مقابل الدولار.

المصدر : فرح نصور – النهار


عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

إرتفاع بتحديث أسعار المحروقات اليوم ↑

أسعار المحروقات في لبنان اليوم أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للمحروقات لحظة بلحظة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *