تضجّ الساحة السياسية بصخب الانتخابات التي وضعت على نار حامية خلال المدة الفاصلة حتى 15 ايار المقبل، وفي غفلة الانتخابات ومع كل ما احاط بها من ارباك الاحزاب في تحالفاتها وصولات المرشحين وجولاتهم، يعاني المواطن في الضفة المواجهة الامرَّيْن ويعيش كل يوم بيومه، وصارت الملايين التي يحصل عليها بعض الموظفين كرواتب، يحملونها رزماً متراصة من دون قيمة شرائية، بعد ان فقدت الليرة ما نسبته 90% من قيمتها، مقابل ارتفاع هائل في كلفة الخدمات والسلع والمواد الغذائية التي يتم تسعيرها بالدولار، وتخطي نسبة التضخم عتبة 150%.
الزيادة على تسعيرة الاتصالات والانترنت كابوس جديد اضيف الى هموم اللبنانيين، حيث من المتوقع بحسب وزير الاتصالات جوني القرم ان تتحول الى واقع في الاول من حزيران، وهو اوضح أنه “اذا كانت الفاتورة 100 دولار تقسم على 4 ومن ثم تدفع على سعر صيرفة فتصبح 500 الف ليرة”.
وبحسب المعنيين فإن رفع تسعيرة الاتصالات على الخطوط الثابتة والإنترنت ستكون بنسبة 230 في المئة، وهو امر لا بدّ من تنفيذه لوقف استفادة كبار موزعي الخدمات واصحاب قطاع ما يعرف بالتخابر غير الشرعي، المستفيدين من تسعيرة دولار 1550 ليرة.
ولكن بحسب مصادر اقتصادية عليمة، فإن تطبيق هذه الزيادات سيرتّب تداعيات كبيرة على كافة القطاعات، اذ سيكون لزاماً على الشركات والمؤسسات رفع تكلفة خدماتها، بما يواكب التسعيرة الجديدة، ليقتطع المبلغ المضاف من جيوب المواطنين الذين سيكتوون بنار الاسعار مجددا، كما سيضاف الى فواتيرهم عبئا جديدا مضطرين لمجاراته والتكيّف معه مكرهين وبطيبة خاطر، نظرا لاهمية هذه الخدمة في تسيير اعمالهم.
وبالنتيجة، فإن المواطن هو من يدفع الثمن دائما، وقد ساهم في تعميق الازمة، النهب المنظم للموارد والفساد وعدم وجود قطاعات انتاجية، ويؤكد خبراء اقتصاديون انه من دون تفعيل الرقابة وتطوير القطاعات الانتاجية الى جانب تقديمات صندوق النقد الدولي بعد التوصل الى اتفاق بشروطه، فإن الحل سيبقى بعيدا، وستكون الصورة المصيرية للايام المقبلة اشد سوادا مع ارتباط الازمة بمجموعة عوامل سلبية تتفاعل فيما بينها، من تدهور الادارات العامة وتراجع آدائها وشحّ الموارد في ظل “الدولار الاسود”، وانكماش الاقتصاد، وليس مبالغا الحديث هنا عن انكشاف مالي او “افلاس” مع تضافر الانهيار المالي الداخلي وقفزات الاسعار عالميا بعد الحرب الاوكرانية الروسية.