في عزّ المحادثات بين الدولة اللبنانية وصندوق النقد الدولي، بدا لافتاً تصريح نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي عن إفلاس الدولة ومصرف لبنان. أن يصدر هكذا كلام عنه، وهو أيضاً رئيس الوفد المفاوض، في هذا التوقيت بالذات، يطرح الكثير من التساؤلات حول الأهداف والتبعات، ولعل السؤال الأهمّ يكمن بالعلاقة بين هذا الموقف ومحاولة فرض قانون “الكابيتال كونترول” وفق صيغة ملتبسة سيّما بالنسبة لتوزيع الخسائر!
لكن، وقبل كل هذه التساؤلات لا بدّ من التركيز على نقطة “الإفلاس”، فهل حقاً لبنان مفلس؟
الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة لم يتردّد بنقض تصريح الشامي، رافضاً بشكل قاطع الحديث عن إفلاس. وهو يميّز، في حديث لموقعنا، بين نظرة الأسواق المالية للموضوع والنظرة الاقتصادية للإفلاس.
في مقاربة الأسواق المالية، هناك 3 عوامل أو أحداث يجب أن تتوفر للحديث عن وجود إفلاس:
1- في حال عدم توفّر المال لدى الشركة أو الدولة
2- عندما تتوقف الدولة عن دفع دينها بشكل إراديّ، كما حصل في وقت سابق بالنسبة للتمنع عن دفع سندات اليوروبوندز
3- عندما تقرر الدولة وقع الدفع مضطرّة، بسبب افتقادها للسيولة.
هذه الشروط، إذا ما توفّرت نصبح عندها أمام إفلاس بلغة الأسواق أي default، بحسب عجاقة.
أما بالنسبة للغة الاقتصادية، فلا يمكن أبداً لدولة ذات سيادة أن تفلس، إذ يمكن أن تكون متعثرة بالدفع وليست مفلسة. لذلك فإن حديث الشامي عن إفلاس الدولة لا يعكس الواقع، وفق ما يؤكد بروفسور عجاقة، خاصة وأنها تمتلك موارد كثيرة مثل الأراضي والضرائب وسواها، يمكن من خلالها الحصول على موارد. وهنا يشدد الخبير الاقتصادي على أن هذا الأمر لا يعني على الإطلاق تسويقاً للخصخصة.
بعد هذا العرض، يفرض سؤال التوقيت نفسه، فهل أتى تصريح نائب رئيس الوزراء من منطلق خلفيته، أي أسواق ماليّة، وبالتالي هو يتكلّم بلغتها؟ أم أن هناك هدف آخر غير معروف؟!، يتساءل عجاقة.
وبغضّ النظر عن التوقيت والأهداف، يستبعد عجاقة أن يكون لتصريح الشامي أي تبعات، كونه رأي خاصّ صدر عن نائب رئيس الحكومة خلال مقابلة تلفزيونية، ورغم أنه رئيس الوفد المفاوض مع صندوق النقد، فإنه ليس صاحب القرار، بل الحكومة مجتمعة.
في النهاية، تبقى المشكلة الأساسية بمن يدير الطبخة، أي الأداء المالي للدولة من قبل الطبقة السياسية، يؤكد عجاقة، مذكّراً بأن الدستور حصر القرار الاقتصدي بيد الحكومة.