مفارقة غارقة في الحزن والقلق. بلدة أنصار الجنوبية المفجوعة، تدفن ام و بناتها الثلاث، ضحايا جريمة ولا أبشع، وتعيد إحياء “مغارة” الأمن الذاتي من جديد، التي أوهم أصحابها سكان مناطق “الثنائي الشيعي”، أنهم “يتنعمون” بالأمن والأمان، بفضل إجراءاتهم وأمنيّاتهم، وإذ بهم يُغرقون “بيئتهم الحاضنة” بالفوضى.
“الأمن والامان نعمتان مفقودتان”، يوما يعد يوم، والتي تدل عليها أحداث الجريمة منذ بدايتها قبل ٣ اسابيع حتى الساعة، خاصة في المناطق التي يسيطر عليها “حزب الله” سياسيا وأمنيا وإجتماعيا، فهذه المناطق أصبحت مرتعا لتفشي الجريمة، وإنتشار المخدرات، والسلاح المتفلت، والسرقة والنشل والتفكك الأسري”.
ورغم سيناريوهات عملية توقيف القاتل السوري حسن الغنّاش وتعدد الروايات، إلا أن الحقيقة، بحسب للمصادر الأمنية، هي “أن حزب الله هو من أوقف الغناش على الحدود اللبنانية السورية حيث يبسط سيطرته، وسلّمه لمخابرات الجيش”، مؤكدا انه “لا مصلحة للحزب في كشف هذا الأمر، ليبقي سيطرته المُحكمة على المعابر الشرعية وغير الشرعية”.
ولفتت المصادر الى ان العملية تُظهر “القدرة الأمنية العالية التي يتمتع بها الحزب، وتمكنه بالتنسيق مع أجهزة النظام السوري، توقيف أي مجرم حتى داخل الأراضي السورية، لا يستثمرها بالطبع لحماية الحدود اللبنانية السورية، التي تُعتبر ممرا آمنا للخارجين عن القانون، والمشاركين في عمليات تهريب وعمليات أمنية داخل لبنان”.
و أشارت الى ان “حزب الله” سرعان ما يتنصل من مسؤولية التفلّت الأمني وأسبابه، ويرميها على الدولة، ك”إسطوانة” في ظاهرها حق، ولكن في باطنها باطل، فلم يعد خافيا على أحد، بحسب المصادر الأمنية، أن الأجهزة الأمنية إذا أرادت الدخول الى مناطق “الثنائي”، لمداهمة مطلوبين للعدالة، تحتاج لإذن مسبق من اللجنة الأمنية للحزب وبمواكبتهم وتوجيهاتهم، وعادة تكون الموافقة مشروطة بأن يكون عناصر الدورية يحظون برضى المسؤول الأمني للحزب وبثقته”.
ولفتت الى ان “حزب الله” يحكم سيطرته اينما حل ويتصرف وكانه الدولة، “تحت حجة حماية المقاومة وبيئتها، وهو يعلم كل ما يحصل في مناطق إنتشاره، وهي مزروعة بكاميرات متطورة ترصد كل حركة، إضافة الى إقامة الحواجز الأمنية في المناطق الشيعية، كما يقوم الحزب بتجديد معلوماته بشكل مستمر، عبر تعبئة إستمارات خاصة ومفصّلة عن كل عائلة تقطن تحت نفوذه”.
وكشفت المصادر الأمنية الخاصة أن الحزب “يملك ملفات أمنية عن كل سكّان مناطق بعلبك الهرمل والضاحية والجنوب، وأن عناصر وضباط في المديريات العامة للأجهزة الأمنية، يعملون لصالح الحزب ويساهمون بتزويد الحزب بملفات خاصة عن المواطنين، وفي أحيان كثيرة يقوم عناصر الحزب أنفسهم بمداهمة مطلوبين، تمردوا على تعليماته او سقطت ورقتهم، واحيانا يشاركون بالاشتباكات مرتدين الاقنعة وسترات القوى الامنية الشرعية”.
أما عن مصير محتوى الكاميرات والتقارير الأمنية، من عمليات السرقة والنشل والمخدرات والقتل والإشتباكات المسلحة والجرائم المنتشرة في مناطق نفوذهم، كشفت المصادر أن “الحزب يحتفظ بالكاميرات لابتزاز الجميع، بمن فيهم الخارجين عن القانون، واستخدامهم عند الحاجة لزرع فوضى، او القيام بمهمات محددة، كما أن بعض من يرتكبون جرائم هم من المنتسبين للحزب و سرايا المقاومة وبعضهم يحظى بغطائه”.
وتسأل المصادر “إذا كان حزب الله غير معني بما يجري في مناطق نفوذه، فكيف يسمح لنفسه بتركيب أجهزة تنصت وكاميرات ومراقبة، وتكوين ملفات أمنية عن حياة المواطنين العامة والخاصة، ولا أحد يعلم لأي جهة او استخبارات تعطى هذه المعلومات، بأي حق يتصرف وكأنه الدولة”؟!
المصدر : جنوبية