كتبت “الشرق الأوسط”: اضطر جهاز المخابرات العامة الإسرائيلية (الشاباك) إلى الكشف عن وثائق في أرشيفه، حول الظروف القاسية للغاية التي عانى منها معتقلون لبنانيون وفلسطينيون من الرجال والنساء في معتقل الخيام، الذي أقامه وأداره الاحتلال وعملاؤه في لبنان طيلة 15 عاماً، وذلك بأمر من المحكمة العليا في القدس الغربية
.
ويستدل من الوثائق أن إسرائيل ارتكبت في هذا السجن جرائم حرب خطيرة، ومارست أساليب تعذيب رهيبة، شملت استخدام ضربات كهربائية، والتجويع، ومنع العلاج الطبي، والاعتقال لفترات غير محددة، من دون أي إجراءات قضائية.
وقالت المديرة العامة السابقة لمركز الدفاع عن الفرد، داليا كيرشتاين، التي ساهمت في الدعاوى التي قادت إلى فتح هذا الأرشيف، إن «نظام الاحتلال الوحشي الذي مارسته إسرائيل في جنوب لبنان، وبضمن ذلك عمليات التعذيب الرهيبة في سجن الخيام، هو إحدى البقع السوداء في التاريخ الإسرائيلي. والانسحاب من لبنان لن يكون كاملاً، حتى تكشف دولة إسرائيل عن جميع ممارساتها هناك، وإلى حين تواجه إسرائيل ماضيها هناك». وتابعت أنه في الوقت الذي تحول فيه السجن نفسه إلى متحف، يتواصل إخفاء الوثائق حول ممارسات إسرائيل فيه عن الجمهور، ويواصل المسؤولون عن هذه الفظائع التجوال بيننا، من دون محاسبتهم على أفعالهم.
يذكر أن سجن الخيام معتقل أقامه الاحتلال الإسرائيلي في العام 1985، أي بعد 3 سنوات من اجتياح لبنان في العام 1982، بالقرب من قرية الخيام في جنوب لبنان، على بُعد كيلومترات معدودة من الحدود مع إسرائيل. ومرّ عليه ألوف المعتقلين العابرين، بينهم 250 إلى 300 معتقل، تم احتجازهم بشكل دائم، كانوا ينتمون إلى أحزاب وحركات لبنانية وفلسطينية، مثل «أمل» و«حزب الله»، والحزب الشيوعي، ومنظمة العمل الشيوعي، وحركة فتح، والجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، وغيرهم من معارضي الاحتلال.
ومع أن إسرائيل زعمت في حينه أنها لا تديره ولا علاقة لها به، وقدم رئيس أركان الجيش آنذاك، دان حالوتس، تصريحاً مشفوعاً بالقسم إلى المحكمة، يزعم فيه كذباً أن جيشه لا يديره، فإن الوثائق المكشوفة تؤكد أنه كان سجناً إسرائيلياً بامتياز، مستعينة بموظفين مدفوعي الأجر من “جيش لبنان الجنوبي”، الذين تلقوا التدريب من الجيش الإسرائيلي والشاباك.
وقد تم الكشف عن الوثائق، بعد تقديم مجموعة من ناشطي حقوق الإنسان التماساً إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، بواسطة المحامي الحقوقي إيتاي ماك. ونقلت صحيفة «هآرتس»، أمس (الأربعاء)، عن ماك قوله، إن الجيش الإسرائيلي والشاباك أدارا مع جيش جنوب لبنان منشأة اعتقال وتعذيب، مشابهة لتلك التي أقامتها ديكتاتوريات عسكرية في أميركا اللاتينية، وإن «عمليات التعذيب التي مورست في هذا السجن، هي جريمة ضد البشرية. الوثائق صادمة، وتشكل نظرة سريعة صغيرة وحسب إلى جهنم التي مورست هناك
».
وطالب الملتمسون المحكمة بإصدار أمر للشاباك بالكشف عن الوثائق التي توثق «عمليات التعذيب والعقوبات القاسية وغير الإنسانية»، التي مورست في السجن. وقررت المحكمة عقد جلسة أولى للنظر في الالتماس في شهر أبريل نيسان المقبل، لكنها سمحت للشاباك بنشر قسم من الوثائق التي بحوزته، بعد إخضاعها لرقابة عسكرية مشددة. ومع أن الرقابة أعملت مقصها بقوة، فقد أظهرت الوثائق وقائع رهيبة. وقد كشفت إحدى هذه الوثائق من العام 1988 أن الأسرى تعرضوا للتجويع.
lebanon24