صحيح أنه من المُبكِر الحديث عن عودة عربية فعليّة الى لبنان، نظراً الى مراحل معيّنة لا بدّ لها من أن تسبقها، ولكنّنا نسأل عمّا إذا كان اللبنانيون يبحثون عن علاقات لبنانية – عربية إعلامية، أكثر من أي شيء آخر، حتى يتحمّسوا لبعض ما يرشح من معلومات، في هذا الإطار؟
وهل سيكون للإيجابيات التي يُحكى عنها أخيراً على هذا الصّعيد، مفاعيل مالية واقتصادية ملموسة؟ وهل يمكن للعرب أن يأتوا بـ”المنّ والسلوى” معهم، في ما لو عادوا الى بيروت اليوم، قبل الغد؟
3 سنوات ونصف تقريباً من المقاطعة الخليجية لقطر، انتهت بعودة السعودية والإمارات الى الدوحة، بسقوف جيوسياسية منخفضة، سواء على مستوى العلاقات القطرية – الإيرانية، أو القطرية – التركية.
الخليجيون قد يعودون الى لبنان، وهذا جيّد. ولكن تلك العودة تُعزَف على أوتار التوتّر الخفيّ، أو البرودة، في العلاقة بينهم وبين الولايات المتحدة الأميركية. أما لبنان، فأبرز ما يحتاجه هو الدولار الأميركي، وأموال برنامج مع “صندوق النّقد الدولي”، وأموال مؤتمر “سيدر”، والكهرباء… التي لن تتوفّر كلّها إلا بالشّروط الأميركية، ومن بينها ترسيم الحدود البحرية الجنوبية.
وحتى إن حصّة لبنان من الأموال العربية في “سيدر”، وسواه، يبقى ممرّها الإجباري واشنطن، لا الصين أو روسيا، حتى ولو اختار بعض “الأخوة” العرب الاقتراب من موسكو وبكين، على حساب واشنطن
فهل نحن على موعد مع عودة عربية “مُنتِجَة” وفعّالة الى لبنان؟ أم عودة إعلامية؟ أم عودة تقارُب مع لبنان “المُمَانِع”، خصوصاً أن من يشرب من نبع استقبال الرئيس السوري بشار الأسد، لن “يغصّ” في “ساقية” الفريق اللبناني “المُمانِع”؟ وماذا عن فريق “المُمانَعَة” اللبنانية الذي سيستقبل “الأخوة” العرب، كما لو أنهم عادوا من عصور “الضّلال الأميركي”؟ وهل هذا ما ينتظره لبنان وشعبه؟ وهل هذا مُفيد لنا؟
رجّح مصدر سياسي أن “لا تكون العودة العربية الى لبنان كبيرة، إذا حصلت في مستقبل قريب. وهي قد لا تتوافق مع ما يشتهيه اللبنانيون منها”. ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “ما قد يساهم باستعجال العرب في العودة الى لبنان، هو غياب الحضور السنّي القويّ، والقوى السنيّة الفاعلة، وذات الامتدادات الإقليمية، في الانتخابات النيابية القادمة”.
وتوقّع المصدر أن “يقدّم العرب بعض المساعدات، منعاً لانهيار لبنان الكامل، لا سيّما أن الكل يدرك أن لا حلول قريبة فيه. ولا يُمكن الحديث عن أي شيء فعّال، أبْعَد من ذلك، في وقت قريب”.
وختم: “العودة الى لبنان حاجة عربية، حتى ولو لم تتطوّر العلاقات الإيرانية – السعودية. ففي الكواليس، يدور كلام عن التحضير لمرحلة ما بعد انتهاء عهد رئيس الجمهورية ميشال عون. وسواء تمّ تأجيل الانتخابات النيابية، أو لا، تبقى العَيْن الخارجية على الرئيس الجديد للبنان، الذي سينتخبه إما البرلمان الحالي، أو برلمان ما بعد “نيابية” 2022″.
المصدر : انطون الفتى – وكالة اخبار اليوم