على الرغم من أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تريد تجنب الصراع المباشر مع روسيا، إلا أن الأحداث قد تؤدي إلى صدام. قد تخاطر روسيا اليائسة لكسر الجمود العسكري مما يجبر حلف شمال الأطلسي (الناتو) على القيام برد فعل عسكري. قد يطالب الجمهور في الولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى حكوماتهم ببذل المزيد من الجهد لتخفيف معاناة المدنيين الأوكرانيين إذا زادت الهجمات الروسية. إذن، ما هي الطرق الخمس التي يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة؟
بحسب مجلة “فوربس” الأميركية، تتمثل الطريقة الأولى بتطبيق منطقة حظر طيران. يشعر الأميركيون بالفزع جراء المعاناة التي يتخبط بها الشعب الأوكراني، ويطمح الكثير منهم بتقديم المزيد من المساعدة. تبدو منطقة حظر الطيران فكرة جذابة كطريقة لتقليل المعاناة. قد طلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تحديدًا تطبيق منطقة حظر طيران في خطابه المؤثر أمام الكونغرس. لكن كما أشار الكثيرون، فإن منطقة حظر الطيران ستشرك على الفور الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في حرب شرسة مع روسيا. يتطلب التنفيذ تسيير دوريات جوية فوق أوكرانيا وإسقاط أي طائرة روسية تنتهك تعليمات حظر الطيران. كما سيتعين على القوات الأميركية وقوات الناتو تدمير الدفاعات الجوية الأرضية
لروسيا، فهذه من شأنها أن تنتهك شروط حظر الطيران. لسوء الحظ أيضًا، لن تقلل منطقة حظر الطيران بشكل كبير من معاناة الشعب الأوكراني لأن معظم الانفجارات التي تظهر في مقاطع الفيديو تأتي من المدفعية والصواريخ. لإيقاف ذلك، سيتعين على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي مهاجمة القوات البرية الروسية على نطاق واسع، وهذا من شأنه أن يسبب في اندلاع حرب واسعة النطاق. كما وتعاني المصطلحات ذات الصلة مثل “مناطق اللا صراع” و”مناطق الحماية الإنسانية” من المشكلة عينها: فجميعها تتطلب من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي الاشتباك مع القوات الروسية، وقتل الجنود الروس، ما سيؤدي إلى نشوب عمليات انتقام”.
ورأت المجلة أن “السبب الثاني يتمثل في الهجمات الروسية على قواعد الولايات المتحدة – الناتو التي تزود أوكرانيا بالسلاح. تقوم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ودول أخرى بتزويد أوكرانيا بالأسلحة والذخائر والإمدادات لمساعدتها في قتالها ضد روسيا. وشمل تدفق الأسلحة هذا 17000 سلاح مضاد للدبابات و5000 سلاح مضاد للطائرات، وكان ذلك قبل تصريح بايدن بدعم أوكرانيا بمليار دولار أخرى من المساعدات الأميركية. ويتم نقل هذه العتاد بالشاحنات إلى قواعد غير معلنة خارج أوكرانيا، على الأرجح في بولندا، ووضعها في شاحنات أوكرانية وإرسالها. وقد هددت روسيا هذا التدفق تحت ذريعة أنه بمثابة عمل حرب. عندما واجهت وضعًا مشابهًا، كانت حينها الولايات المتحدة على استعداد لضرب قواعد طالبان في باكستان التي كانت تمد المتمردين في أفغانستان. وبالمثل، كانت على استعداد لضرب القواعد في لاوس وكمبوديا التي كانت تمد القوات المتمردة في جنوب فيتنام. قد تقرر روسيا أن تفعل الشيء نفسه إما بشكل علني، أو على الأرجح بالصواريخ، أو في الخفاء. نظرًا لوجود قواعد الإمداد هذه في أراضي الناتو، فإن الهجوم عليها سيشكل هجومًا على الناتو. وبالتالي، وبحسب المادة الخامسة من معاهدة حلف شمال الأطلسي والتي تنص على أن أي هجوم يُشن على دولة فهو بمثابة هجوم على كل الدول الأعضاء، فقد ينجر الحلف إلى الصراع”.
وتابعت المجلة، “يتمثل السبب الثالث في انتقام الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي من الضربات الكيماوية والبيولوجية والنووية الروسية على أوكرانيا. تنشر روسيا معلومات مضللة حول دعم الولايات المتحدة للمختبرات في أوكرانيا. يشعر العديد من المحللين بالقلق من أن روسيا تفعل ذلك لتمهيد الطريق أمام استخدامها الخاص للأسلحة البيولوجية أو الكيميائية، والأرجح أنها أسلحة كيميائية لأن استخدامها العسكري أكثر فعالية. ليس من غير المعقول أن يستخدم الجيش الروسي الذي وصل إلى طريق مسدود في ساحة المعركة مثل هذه الأسلحة لكسر الجمود. على الرغم من أن الحكمة التقليدية تشير إلى أن الأسلحة الكيميائية أقل فعالية ضد الجيوش الجاهزة، إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كان لدى الجيش الأوكراني ملابس ومعدات واقية فعالة. والمؤكد أن الميليشات لا تمتلك هكذا معدات. بغض النظر عن الفعالية العسكرية، فإن الأسلحة الكيميائية مدمرة للمدنيين لأنهم غير محميين على الإطلاق. كان هذا هو الحال عندما استخدمت روسيا وحلفاؤها السوريون المواد الكيميائية في سوريا. ويشعر خبراء آخرون بالقلق من أن روسيا قد تستخدم أسلحة نووية تكتيكية لكسر الجمود العسكري أو ترهيب الحكومة الأوكرانية. قد تدفع المعاناة المروعة للمدنيين بسبب هذه الأسلحة والانتهاك الصارخ للمعايير الدولية السكان والحكومات إلى اتخاذ إجراءات أكثر عدوانية. من المرجح أن يركز هذا الإجراء الأكثر عدوانية على تحييد القدرات الكيميائية والنووية الروسية. ومع ذلك، فإن مهاجمة هذه الوحدات التي تتمتع بحماية جيدة يمكن أن يؤدي بسهولة إلى صراع أوسع”.
أما السبب الرابع فيتمثل، بحسب المجلة، “بدعم الولايات المتحدة – الناتو للتمرد في أوكرانيا. إذا تم التغلب على أوكرانيا، فقد اقترحت العديد من الأصوات استمرار الصراع على شكل تمرد. إن مسار العمل هذا جذاب بالنظر إلى رغبة الشعب الأوكراني الشديدة في الدفاع عن وطنه. ومع ذلك، تحتاج حركات التمرد إلى دعم خارجي إذا كان لها أن تزدهر. إن تقديم الدعم المباشر من دول الناتو سيعرضها للرد الروسي المضاد، الذي قد يتضمن ضربات على القواعد. ستؤدي هذه الضربات الروسية أيضاً إلى رد بموجب المادة الخامسة، ما سيؤدي إلى اندلاع صراع”.
وتابعت المجلة، “ويتمثل الإحتمال الخامس في اندفاع روسي نحو الناتو. هذا هو السيناريو الذي يتخيله معظم الناس ولكنه أقل احتمالًا. ليس من المستحيل أن تستمر
روسيا، بعد أن اجتاحت أوكرانيا بأكملها، في الذهاب إلى بولندا أو رومانيا. يتصور البعض أن روسيا قد تستغل الفرصة لضرب دول البلطيق. كل هذه الدول أعضاء في الناتو، لذا فإن التدخل الروسي سيؤدي إلى تفعيل المادة الخامسة. إن أعضاء الناتو في أوروبا الشرقية مرعوبون من روسيا لأسباب تاريخية مفهومة وقد طلبوا تعزيزات عسكرية، والتي سبق وحصلوا عليها. هذا السيناريو هو الأقل احتمالًا، لأن روسيا تواجه صعوبة كبيرة في أوكرانيا، ومن غير المرجح أن يكون الجيش الروسي قادرًا على مواصلة صراع كبير”.
وختمت المجلة، “لحسن الحظ، كل هذه الأحداث غير مرجحة. ومع ذلك، فهي ليست مستحيلة، وتداعياتها المحتملة ستكون هائلة. وهذا يجعل التسوية التفاوضية جذابة حتى لو كانت تنطوي على تنازلات مؤلمة مثل أوكرانيا المحايدة. إن بدائل القتال حتى النهاية المريرة يخاطر بحرب أكثر تدميراً”
المصدر : ترجمة رنا قرعة