يحاول القطاع الطبي والاستشفائي بكلّ أركانه المكافحة حتّى النفس الأخير بسبب الانهيار الذي يصيبه في بلد اختفت فيه كلّ مقومات صموده. فالمستشفيات وصلت إلى قعر الهاوية حيث اقفل قسم منها والآخر على الدرب يسير، وفق ما أعلن نقيبها اليوم سليمان هارون. هذا ويعاني الضمان الاجتماعي أيضاً من عجز كبير يمنعه من تغطية الفاتورة الاستشفائية بالكلفة الحالية، من دون أن تقوم الدولة بواجباتها تجاهه. فمستحقات المستشفيات كثيرة، والنسبة الأكبر هي من الدولة، وهذا التأخير يسبب مشاكل كبيرة والمسألة بين وزارة المال ومصرف لبنان.
أما الأدوية، فحدّث ولا حرج حيث تعمّ الفوضى سوق الدواء، خصوصاً مع بروز السوق السوداء. ومع وقف الدعم عن الدواء وتراجع المبالغ المخصصة لدعم استيراد أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية إلى نسبة تقلّ ضعفين عن حاجة لبنان، بدأ الشحّ يتحول من سيئ إلى أسوأ. مع العلم أن منذ بداية العام الجاري، لم يطرأ أيّ تغيير في موضوع الدواء، إلا بعض التحسينات التقنية بالحصول على موافقات الاستيراد. المعضلة تكمن في أن أدوية الأمراض المستعصية والمزمنة لا تزال مدعومة كلياً أو جزئياً، وقبل الأزمة كانت تكلّف لبنان 70 مليون دولار شهرياً، أما المبلغ المتوفّر اليوم للدعم فقدره 25 مليون دولار شهريا ولا يكفي لتلبية حاجة المرضى. ويتوافق مستوردو الأدوية مع وزارة الصحة ولجنة الصحة النيابية على ضرورة رفعه إلى 50 مليون دولار. هذا من دون إغفال التهريب المستمر.
بالنسبة إلى الحلول مثل البطاقة الدوائية التي توحّد الصناديق وتخوّل المريض شراء الدواء مباشرة من داخل الصيدلية. كذلك، يسعى وزير الصحة فراس الأبيض إلى التصرف قدر الإمكان بالمبلغ المتوافر للدعم، ويبدو أنه ينوي إطلاق مبادرة قد تساعد المصانع المحلية والمرضى في غياب حلّ رفع مبلغ الدعم، إذ كان أعلن عن نية إطلاق حملة هذا الأسبوع نحو المصانع المحلية، وأن سيكون هناك إعلان هام يوم الأربعاء بهذا الصدد، وسيتفقد الأبيض مع وزير الصناعة جورج بوشيكيان عددا من مصانع الادوية غداً، للاطلاع على عملية تصنيع الدواء في لبنان وتقييم الوضع وتحديد الحاجات.
وعمّا إذا كانت هذه الخطوة تساهم في التوصل إلى حلّ، يشير نقيب مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات كريم جبارة لـ “المركزية” إلى أن “المبلغ الذي يوفّره مصرف لبنان للدعم قد لا يتغير في المدى القريب لأن لا إمكانية لإضافته، وما من مؤشرّات الى أن الجهات المانحة الدولية ستضخ دولارات في لبنان، ومن الممكن أن تكون مساعداتها بوهب الأدوية”، لافتاً إلى أن “وزارة الصحة تتخذ خطوات تسمح باستخدام المبلغ المتوافر بالطريقة الأكثر فعالية لتأمين أكبر قدر ممكن من الأدوية عبره، في انتظار إعلان وزير الصحة عن المبادرة المرتقبة لتتوضح منافعها ويبنى على الشيء مقتضاه”.