لم يعد خفيا أنّ السلطة الحاكمة حولت القطاع المصرفي الى شماعة لترمي عليها كل سوء ادارة وتخفي وراءه الفساد والهدر المستشريين في القطاع العام، الذي اوصل البلد الى الافلاس.
قد يكون القطاع المصرفي اخطأ حين اقرض الدولة التي شرّعت حدودها للتهريب، وجعلت من “مؤسسة كهربائها” مغارة علي بابا ووزاراتها مسارح للسرقات والصفقات.
المساءلة واجب والمحاسبة ضرورة والاقتصاص امر طبيعي، ولكن لماذا لم يتحرك اي قاضٍ اكان القاضية غادة عون او سواها الى فتح ملف الكهرباء حيث رغم انفاق اكثر من نصف الدين العام التغذية لا تتجاوز الساعتين يوميا… الامر الذي انعكس على كل مفاصل الحياة وضاعف معاناة الناس، اين المحاسبة في وزارة المهجرين التي وزعت اموالها انطلاقا من المحسوبيات السياسية، لماذا لا يتجرأ احد من طرق المجالس وتلزيماتها.
وتعليقا على الهجمة القضائية على القطاع التي لم تنجح معها المعالجات الحكومية، شددت مصادر مصرفية، عبر وكالة “أخبار اليوم” على ان المودع والمصرف في نفس الخندق يدفعان ثمن الاهمال وعدم تطبيق الاصلاحات وبدء الاجراءات للخروج من الازمة، منتقدة التعاطي القضائي الذي يفترض به ان يكون عقلانيا في ظل الازمة المستمرة منذ سنتين ونصف السنة الى جانب ضرورة تحديد المسؤوليات بشكل واضح.
واعتبرت ان الجهود المبذولة على هذا المستوى يجب ان توجه الى سبب الأزمة الذي يكمن بالدرجة الاولى في سوء استخدام السلطة وسوء ادارة القطاع العام وسوء ادارة الازمة منذ اندلاعها في منتصف العام 2019، في حين ان المسؤول الاساسي هو الاحزاب التي توالت على السلطة والحكومات المتعاقبة.
واذ سألت المصادر: ما هو الاجراء الوحيد اليتيم الذي اتخذ للجم التدهور وبدء استعادة الثقة وضخ سيولة منذ العام 2019، قالت: في مثل هذه الازمات المتصلة بتراجع حاد في تدفق رؤوس الاموال، وفي حالة لبنان هي على شكل ودائع حيث لا يوجد اي وسيلة اخرى، نجد ان السلطات تتفرج وتحرك قضاءها دون اتخاذ اي اجراءات.
وهنا رفضت المصادر رمي المسؤوليات على القطاع المصرفي، مذكرة انه منذ 27 سنة القطاع المصرفي يشكل الوسيلة الوحيدة لاستقطاب رؤوس الاموال من الخارج، حيث بورصة بيروت في سبات عميق وحتى حين كانت الفوائد مرتفعة في منتصف واواخر التسعينات لم تستطع البورصة استقطاب شركة واحدة تدرج اسمها فيها، كما ان الشركات المحلية لم تصدر سندات لها من اجل تنويع مصادر التمويل. وهذا ما ينطبق ايضا على الاستثمارات الاجنبية المباشرة حيث لم توضع اي خطة او رؤيا لاستقطابها، والاستثمار في القطاع العقاري كان فرديا وليس ضمن خطة متكاملة… لذا بقي القطاع المصرفي الوحيد الذي يمول الاقتصاد.
وفي السياق عينه انتقدت اتهام المصارف بالافلاس، موضحة ان اسهل امر كان يمكن لمجالس الادارة ان تلجأ اليه مع بدء اندلاع الازمة هو اعلان الافلاس واقفال الباب، فتأتي السلطات الرسمية لتصفية موجوداتها وما تبقى من فتات يوزع على المودعين، قائلة: هذه اسهل طريقة لاي مصرف للخروج من السوق اللبنانية، بينما المصارف واجهت الازمة وقررت ان تستمر وتأخذ الاجراءات اللازمة والتزمت بكل تعاميم مصرف لبنان حتى لو لم تكن راضية عن جزء منها.
ودعت الى حل عادل ومنصف يعيد الثقة للاقتصاد اللبناني قبل اعادتها الى المصارف لاننا نعاني من ازمة ثقة بكل القطاعات الاقتصادية وليس ازمة قطاع مصرفي انعكست على باقي القطاعات.
وشددت على ان المصارف مستمرة في مهامها وفي خدمة زبائنها، وهي تكرر دعوتها التي اطلقتها منذ بدء الازمة لجهة اقرار قانون الكابيتال كونترول كونه ابسط واكثر اجراء بديهي لاي ازمة متعلقة بتراجع تدفق الاموال.
وختمت: منذ البداية الاستهداف واضح حيث هناك حملة ممنهجة لتحميل القطاع المصرفي بشقيه المصارف التجارية ومصرف لبنان مسؤولية الازمة بالكامل.