لم تهدأ بعد جبهة المصارف – القضاء بعد الاجراءات التي اتخذها الأخير بحق عدد من المصارف، والتي أدت الى موقف “تحذيري” من جمعية المصارف بإعلان الاضراب اليوم وغداً .
وكان من المفترض أن يعقد رئيس جمعية المصارف سليم صفير أمس مؤتمراً صحافياً يشرح فيه بإسهاب موقف الجمعية من القرارات القضائية الأخيرة حيال عدد من المصارف، بيد أن الجمعية إرتأت تأجيله في انتظار أي تطورات قد تحصل على ضفة الحكومة حيال تكليف وزير العدل وضع رؤية لمعالجة الأوضاع القضائية ومكامن أي خلل.
وفي الانتظار، تمضي المصارف في قرارها بالإضراب كـ”خطوة أولى للتنبيه والتوعية إلى خطورة ما آلت إليه الأوضاع الراهنة، مطالبةً بتصحيح الخلل الحالي الحاصل وصدور قانون “الكابيتال كونترول” بأسرع وقت ممكن، وإقرار خطة تعافٍ والمباشرة بتنفيذها”، علماً أن الأجواء المصرفية كانت توحي بالعدول عن قرار الإضراب على خلفية ما سيصدر عن مجلس الوزراء من قرارات قد تريح القطاع المصرفي.
وفي هذا الإطار، أكّد مصدر في جمعية المصارف أن “المصارف مستمرّة في إضرابها”، موضحاً في المقابل، أن الجمعية “لا تطالب بإسقاط أي حكم ضد أي مصرف، بل جُلّ ما تطلبه هو ألّا يبقى ملف المصارف ضحية التجاذبات، وأن يحال على محكمة التمييز التي بدورها تحيله على قاضٍ محايد ليس له موقف مسبق من القطاع”. وكانت الجمعية قد أشارت في بيان الى “احترامها للقضاء وللسلطات النقدية”، مجددة تأكيدها انها “تحت سقف القانون. الا ان ذلك لا يمنعها من التساؤل حول مغزى بعض القرارات القضائية والادارية التي تفتقر الى الحد الادنى من السند القانوني والمصلحة العامة، وقد تنبثق من الشعبوية ومن التوجه لتأجيل المعالجة الصحيحة”.
الى ذلك، كان بارزا موقف اتحاد نقابة موظفي المصارف التي على ما يبدو استشعرت الخطر من الاجراءات التي تُتخذ في حق المصارف، والتي قد تفضي الى مزيد من البطالة والهجرة واقفالٍ لفروع مصرفية، فدعا الى “ابقاء القطاع خارج الصراع القائم بين القوى السياسية حفاظا على استقلاليته وعلى دوره المستقبلي في إعادة تفعيل عجلة الاقتصاد الوطني الذي سيكون بأمسّ الحاجة إلى قطاع مصرفي متعافٍ من الشوائب”.
هؤلاء الموظفون ينتظرون “على اعصابهم” ما ستؤول اليه الايام المقبلة من تطورات قد تغير من واقع القطاع المصرفي، وخصوصا تلك المرتبطة بقانون اعادة هيكلة القطاع والشروط التي سيتضمنها وتأثيرها على المصارف حيال قدرتها على الانسجام مع القانون الجديد والمحافظة على رخصتها.
ويؤكد رئيس اتحاد موظفي المصارف جورج حاج لـ”النهار” أن عدد موظفي المصارف انخفض حاليا الى ما بين 20 ألفا و21 ألف موظف من 26 ألفا في العام 2019. وانخفاض العدد يعود، وفق ما يقول، الى اسباب عدة منها “اجراءات التقشف التي اتخذتها المصارف وادت الى الاستغناء عن عدد من الموظفين مع اعطائهم تعويضات اضافية مناسبة، وأسباب أخرى تتعلق بالموظفين، إذ إن بعضهم وجد فرصاً أفضل، فيما ارتأى عدد آخر ناهزت أعمارهم الـ 60 عاما أو أقل بقليل أن يقبلوا عروض اداراتهم بالتقاعد المبكر حيث حصلوا على رواتبهم وتعويضاتهم كاملة”. وتوقع حاج أنه “بعد اقرار اعادة هيكلة القطاع المصرفي بموجب قانون يصدر عن مجلس النواب، قد يتعرض عدد من الموظفين للصرف من العمل، خصوصا أن فكرة الدمج بين المصارف ستكون شبه معدومة تقريبا، وتاليا من المرجح ان يطبّق القانون 2/67 أو مبدأ التصفية الذاتية في حال كانت موجودات المصرف توازي مطلوباته”.
وفيما حمّل اتحاد موظفي المصارف الدولة أسباب الانهيار المالي، منذ بداية الازمة في تشرين الثاني 2019، رأى ان “من الضروري إطلاع الرأي العام على المسببات التي أدت الى تبخر ودائع القطاع المصرفي وإلى تفاقم الازمة بين المودعين وإدارات المصارف والتي ما زالت مستمرة منذ نهاية العام 2019”.
أما في ما يتعلق بالقرارات القضائية، فرأى الاتحاد أنها “تخطت المصارف المعنية بهذه القرارات لتطاول كل القطاع المصرفي، ونتائجها كارثية على سمعة القطاع في الخارج وستؤدي إلى مزيد من الانكماش في علاقة المصارف اللبنانية مع المصارف المراسلة في مرحلة نحن كدولة وشعب في أمسّ الحاجة إلى أفضل العلاقات بين مصارفنا والمصارف المراسلة. كما من حقنا كمواطنين أن نسأل عن دور مجلس القضاء الاعلى وهيئة التفتيش القضائي في مراقبة عمل القضاة، وعن مدى التزام بعض القضاة بالاصول التي ترعى العمل القضائي، وبالاخص في ما يتعلق بالملفات التي لها علاقة بالقطاع المصرفي”.