في ظل التطوّرات التي تشهدها الساحة القضائية-المصرفية والتي أرخت بثقلها على الواقع اللبناني المنغمس أصلاً في مستنقع من الأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية، وبينما لا تزال التدابير الاستثنائية التي يعتمدها مصرف لبنان منذ بداية العام سارية المفعول حتى نهاية آذار 2022، شهدت الأسواق المالية اللبنانية هذا الأسبوع صعوداً مطرداً في سعر صرف الدولار في السوق السوداء، بينما سلكت أسواق الأسهم والسندات مسلكاً تراجعياً، وفق التقرير الأسبوعي لبنك عودة في التفاصيل، كسر سعر صرف الدولار حاجز الـ23000 ل.ل. وذلك لأول مرة منذ انطلاق العمل بالتدابير الاستثنائية للمركزي في كانون الثاني الماضي، في ظل المخاوف من تداعيات التطورات القضائية-المصرفية على الواقع اللبناني الهش. إذ بلغ سعر صرف الدولار 23350 ل.ل.-23400 ل.ل. يوم الجمعة بالمقارنة مع 22700 ل.ل.-22750 ل.ل. في نهاية الأسبوع السابق، بينما النزيف في احتياطيات مصرف لبنان السائلة من النقد الأجنبي مستمر لتصل إلى ما دون 11.5 مليار دولار في منتصف آذار 2022. وفي سوق سندات اليوروبوندز، واصلت أسعار سندات الدين الحكومية تراجعها إلى 10.38-11.25 سنتاً للدولار الواحد يوم الجمعة وسط ترقب للمسار الإصلاحي وبانتظار استجابة السلطات اللبنانية للمتطلبات الأساسية لصندوق النقد الدولي. أما في ما يخص سوق الأسهم، فقد تراجع مؤشر الأسعار بنسبة 1.2 بالمئة، بينما زادت أحجام التداول أكثر من الضعف أسبوعياً.
الأسواق
في سوق النقد: وسط شحّ لافت في السيولة بالليرة اللبنانية داخل سوق النقد، واصلت كلفة الكاش بالليرة اللبنانية ارتفاعها من 13 إلى 17 بالمئة في الأسبوع السابق إلى نحو 25 بالمئة هذا الأسبوع. إلى ذلك، أظهرت آخر الإحصاءات النقدية الصادرة عن مصرف لبنان للأسبوع المنتهي في 3 آذار 2022 اتساعاً في الودائع المصرفية المقيمة بقيمة 338 مليار ليرة. ويعزى هذا الاتساع بشكل رئيسي إلى الارتفاع في الودائع المقيمة بالليرة بقيمة 777 مليار ليرة وسط زيادة لافتة في الودائع تحت الطلب بالليرة بقيمة 928 مليار ليرة وتراجع في الودائع الادخارية بالليرة بقيمة 151 مليار ليرة، بينما سجلت الودائع المقيمة بالعملات الأجنبية تراجعاً قيمته 438 مليار ليرة (أي ما يعادل 291 مليون دولار وفق سعر الصرف الرسمي البالغ 1507.5 ل.ل.). في هذا السياق، اتسعت الكتلة النقدية بمفهومها الواسع (م4) بقيمة 942 مليار ليرة أسبوعياً وسط ارتفاع في حجم النقد المتداول بالليرة بقيمة 573 مليار ليرة وزيادة طفيفة في سندات الخزينة المكتتبة من قبل القطاع غير المصرفي بقيمة 30 مليار ليرة.
في سوق سندات الخزينة: أظهرت النتائج الاولية للمناقصات بتاريخ 17 آذار 2022 اكتتابات في فئة الثلاثة أشهر (بمردود 3.50 بالمئة) وفئة السنة (بمردود 4.50 بالمئة) وفئة الخمس سنوات (بمردود 6.0 بالمئة). من ناحية أخرى، أظهرت نتائج المناقصات بتاريخ 10 آذار 2022 اكتتابات بقيمة 415 مليار ليرة تم اكتتابها بالكامل من قبل مصرف لبنان وتوزعت كالتالي: 215 مليار ليرة في فئة الستة أشهر (بمردود 4.0 بالمئة) و200 مليار ليرة في فئة السنتين (بمردود 5.0 بالمئة). في المقابل، ظهرت استحقاقات بقيمة 97 مليار ليرة، ما أسفر عن فائض اسمي أسبوعي بقيمة 318 مليار ليرة.
في سوق القطع: على وقع التطورات التي تشهدها الساحة القضائية-المصرفية ووسط مخاوف من عواقبها، ظل سعر صرف الدولار يسلك مسلكاً تصاعدياً هذا الأسبوع علماً أن التدابير الاستثنائية للمركزي التي يعتمدها مصرف لبنان منذ بداية العام الحالي والتي تسمح للمصارف بشراء الدولار النقدي من مصرف لبنان مقابل الليرات التي بحوزتها دون سقف محدد ظلت تسهم في ضبط سلوكية سعر الصرف في السوق السوداء. في هذا السياق، تجاوز سعر الصرف لأول مرة منذ شهرين عتبة الـ23000 ل.ل. في السوق الموازية ليبلغ 23350 ل.ل.-23400 ل.ل. يوم الجمعة بالمقارنة مع 22700 ل.ل.-22750 ل.ل. في نهاية الأسبوع السابق. توازياً، أشار مصرف لبنان إلى أن سعر صرف الدولار على منصة Sayrafa تراوح بين 20600 ل.ل. وـ20900 ل.ل. بين 14 آذار 2022 و18 آذار 2022 كمعدل لأسعار صرف العمليات التي نُفذت من قبل المصارف ومؤسّسات الصرافة على المنصة. هذا وقد أظهرت ميزانية مصرف لبنان نصف الشهرية الأخيرة المنتهية في 15 آذار 2022 أن الموجودات الخارجية لدى المركزي تراجعت بقيمة 350 مليون دولار خلال النصف الأول من الشهر لتبلغ زهاء 16.6 مليار دولار في منتصف آذار، ما أدى إلى تراكم تقلصات بقيمة 1.2 مليار دولار منذ بداية العام 2022. ولدى استثناء محفظة مصرف لبنان لسندات اليوروبوندز والمقدرة بنحو 5 مليار دولار والتسهيلات الممنوحة للمصارف، تنخفض الاحتياطيات السائلة لمصرف لبنان من النقد الأجنبي إلى ما دون 11.5 مليار دولار حتى منتصف آذار 2022.
في سوق الأسهم: سلكت بورصة بيروت مسلكاً تراجعياً هذا الأسبوع، كما يستدل من خلال انخفاض مؤشر الأسعار بنسبة 1.2 بالمئة. فمن أصل 8 أسهم تم تداولها هذا الأسبوع، انخفضت أسعار 5 أسهم بينما ارتفع سعر سهم واحد وظلت أسعار سهمين مستقرة. في التفاصيل، انخفضت أسعار أسهم “بنك عوده العادية” بنسبة 6.3 بالمئة إلى 1.77 دولار، تلتها أسهم “الإسمنت الأبيض اسمي” بنسبة -4.2 بالمئة إلى 5.75 دولار، فإيصالات إيداع “بنك عوده” بنسبة -1.6 بالمئة إلى 1.87 دولار، وأسهم سوليدير “أ” بنسبة -1.2 بالمئة إلى 31.12 دولار، وأسهم “بنك لبنان والمهجر العادية” بنسبة -0.3 بالمئة إلى 3.30 دولار. في المقابل، زادت أسعار أسهم “سوليدير ب” بنسبة 0.3 بالمئة إلى 31.0 دولار. وظلت أسعار أسهم “بنك بيلوس العادية” مستقرة عند 0.82 دولار. واستقرت أسعار إيصالات إيداع “بنك لبنان والمهجر” على 3.31 دولار. وعلى صعيد أحجام التداول، زادت قيمة التداول الاسمية أكثر من الضعف أسبوعياً لتبلغ زهاء 7.2 مليون دولار، علماً أن “سوليدير” استحوذت على غالبية النشاط (93.7 بالمئة).
سوق سندات اليوروبوندز: وسط ترقب للمسار الإصلاحي للحكومة وبانتظار أن تقوم السلطات اللبنانية بتلبية المتطلبات الأساسية لصندوق النقد الدولي على صعيد إقرار تشريعات حول موازنة العام 2022 وقانون الكابيتال كونترول وخطة الكهرباء وخطة التعافي، واصلت سوق سندات اليوروبوندز اللبنانية منحاها التراجعي هذا الأسبوع. إذ سجلت الأوراق السيادية تقلصات أسبوعية في الأسعار تراوحت بين 0.13 دولار و0.25 دولار. عليه، تراوحت أسعار سندات الدين الحكومية بين 10.38 و11.25 سنتاً للدولار الواحد يوم الجمعة بالمقارنة مع 10.50-11.38 سنتاً للدولار الواحد في نهاية الأسبوع السابق. على المستوى التراكمي، تكون سندات اليوروبوندز اللبنانية قد سجلت زيادات في الأسعار تراوحت بين 0.50 دولار و1.13 دولار منذ بداية العام 2022.
النهار